الثورة أون لاين:
حين استعاد العرب كرامتهم وكانت حرب تشرين التحريرية بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد، كان خطابه الذي سيبقى هوية ومنهاج رؤيا وعمل حين قال :لسنا هواة قتل وتدمير إنما ندفع الموت والدمار عن أنفسنا..
منهج انساني يمتد في عمقه إلى عشرة آلاف من الحضارة الخلاقة التي تعني القوة والفعل والقيم .
فلسطين اليوم أشبالها صبروا وصابروا ولكن العدو لم يفهم من ذلك إلا ما في غريزته العدوانية المتأصلة..
مارس القتل والدمار والموت وطغى وتجبر ظن أنه يمكن أن يستمر دون عقاب أو ردع ..
وها هم أبناء فلسطين يكتبون ملاحم النصر يخطون التاريخ بفعل التضحيات والبطولات …بطولات هي من كل قلب عربي ومن دم كل شهيد ..التاريخ الذي يكتبه الابطال من دمشق إلى كل شبر في أرضنا العربية ..هو التاريخ الذي قال عنه محمود درويش :
لا تكتبِ التاريخَ شعراً، فالسلاحُ هُوَ
المؤرِّخ. والمؤرّخ لا يُصَابُ برعشة
الحُمَّى إذا سَمَّى ضحاياه ولا يُصْغي
إلى سرديّة الجيتار. والتاريخ يوميّاتُ
أَسِلحَةٍ مُدَوَّنةٌ على أَجسادنا. ((إنَّ
الذكيَّ العبقريَّ هو القويُّ)). وليس
للتاريخ عاطفةٌ لِنَشْعُرَ بالحنين إلى
بدايتنا، ولا قَصْدٌ لنعرف ما الأمام
وما الوراء… ولا استراحاتٌ على
سِكك الحديد لندفن الموتى، وننظُرَ
صَوْبَ ما فَعَلَ الزمانُ بنا هناك، وما
فَعَلْنا بالزمان. كأَنَّنا منهُ وخارجَهُ.
فلا هو منطقيٌّ أَو بديهيٌّ لنكسرَ
ما تَبَقَّى من خرافتنا عن الزمن السعيد،
ولا خرافيٌّ لنرضى بالإقامة عند أبواب
القيامِة. إنَّهُ فينا وخارجنا .. وتكرارٌ
جُنُونيٌّ من المِقْلاع حتى الصاعق النَّوَويِّ.
يصنعُنا ونصنعه بلا هَدَفٍ … هل
التاريخ لم يُولَدْ كما شئنا، لأن
الكائنَ البشريَّ لم يُوجَدْ؟
فلاسِفَةٌ وفنَّانونَ مَرُّوا من هناك….
ودوّن الشعراءُ يوميّاتِ أزهارِ البنفسج
ثم مروا من هناك …. وصدَّق الفقراءُ
أَخباراً عن الفردوس وانتظروا هناك….
وجاء آلهةٌ لإنقاذ الطبيعِة من أُلُوهيَّتِنا
ومَرُّوا من هناك. وليس للتاريخ
وَقْتٌ للتأمُّل, ليس للتاريخ مرآةٌ
وَوَجْهٌ سافرٌ. هو واقعٌ لا واقعيٌ
أَو خيالٌ لا خياليٌّ، فلا تكتبه.
لا تكتبه، لا تكتبه شعراً
وحين يظن العدو الصهيوني انه استطاع في غفلة من الدهر وبتواطؤ ممن هرولوا إليه..يظن أنه قد دفن قضية الشعب والأرض إلى غير رجعة..يظن ذلك ويبني على وهم غروره عدوانه ..لكننا كما جذور الارض والشمس باقون …صامدون تنبعث من صميم كل قلب ..
محمود درويش في رحاب القدس يقرأ ما كان وما سيكون كما قرأ من قبله عمر ابو ريشة وبدوي الجبل الغد القادم ..
يقول محمود درويش :
في القدس، أَعني داخلَ السُّور القديمِ،
أَسيرُ من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ بلا ذكرى
تُصوِّبُني. فإن الأنبياءَ هناك يقتسمون
تاريخَ المقدَّس… يصعدون إلى السماء
ويرجعون أَقلَّ إحباطاً وحزناً، فالمحبَّةُ
والسلام مُقَدَّسَان وقادمان إلى المدينة.
كنت أَمشي فوق مُنْحَدَرٍ وأَهْجِسُ: كيف
يختلف الرُّواةُ على كلام الضوء في حَجَرٍ؟
أَمِنْ حَجَر ٍشحيحِ الضوء تندلعُ الحروبُ؟
أسير في نومي. أَحملق في منامي. لا
أرى أحداً ورائي. لا أرى أَحداً أمامي.
كُلُّ هذا الضوءِ لي. أَمشي. أخفُّ. أطيرُ
ثم أَصير غيري في التَّجَلِّي. تنبُتُ
الكلماتُ كالأعشاب من فم أشعيا
النِّبَويِّ: ((إنْ لم تُؤْمنوا لن تَأْمَنُوا)).
أَمشي كأنِّي واحدٌ غيْري. وجُرْحي وَرْدَةٌ
بيضاءُ إنجيليَّةٌ. ويدايَ مثل حمامتَيْنِ
على الصليب تُحلِّقان وتحملان الأرضَ.
لا أمشي، أَطيرُ، أَصيرُ غَيْري في
التجلِّي. لا مكانَ و لا زمان . فمن أَنا؟
أَنا لا أنا في حضرة المعراج. لكنِّي
أُفكِّرُ: وَحْدَهُ، كان النبيّ محمِّدٌ
يتكلِّمُ العربيَّةَ الفُصْحَى. ((وماذا بعد؟))
ماذا بعد؟ صاحت فجأة جنديّةٌ:
هُوَ أَنتَ ثانيةً؟ أَلم أَقتلْكَ؟
قلت: قَتَلْتني… ونسيتُ، مثلك، أن أَموت.
نعم نحن هنا باقون …لن نرحل ولن نساوم نكتب التاريخ دما ودمعا وشهادة نزرع للغد القادم وندفع الموت والدمار عنا لأننا نحب الحب ونريد الكرامة.