الثورة أون لاين – هنادة الحصري:
لا يفجؤني هذا الشعور الممزوج بالشجن ، ثمة بلبلة تجتاحني و لكنني أطمح الى أن تكون مؤقتة أججها هذا الضياع و هذا اللهاث المؤلم باتجاه كل ما من شأنه أن يشوه عوالمنا الانسانية …!
الكل غارق في القلق حتى أذنيه … فهل القلق بات سمة من سمات هذا العصر …. أم أن هناك تحولا كيفيا في بنية العقل صوب منظومة القيم المتعارف عليها و التي لا تتعارض مع الفطرة السليمة …
في صلب العملية الحياتية ينهض الكثيرون باخلاص ليشيروا للأخطاء و الهنات بغية الاصلاح ، يركزون على الوضع الاقتصادي في محاولة لوضع برامج للتنمية و التصنيع و استغلال الأراضي الزراعية للانتقال من مرحلة الاستيراد الى التصنيع و يسعون لاعادة تطوير هيكلية جديدة للمؤسسة القضائية فهي إن صلحت صلح المجتمع فالعدل رديف الأمان و ينتقدون الأمية و الجهل المكرس و يحاولون محاربته بالقضاء عليه وفق سياسات معينة. و ينبري آّخرون ليركزوا على الاهتمام باللغة العربية و علمائها لأنها هويتنا ، لتظهر أمامهم مشكلة الأدمغة العربية و هجرتها للخارج وضرورة تسخير كل الامكانيات و الامتيازات لها للاستفادة من امكانياتها …
و يحلمون ببناء الجسور …. و كل ذلك من أجل نهضة تفي بحاجيات المواطن و متطلباته فلا يبقى انسان عاطل أو جائع … و يدعون الى ضرورة تعديل المناهج الدراسية بحيث تواكب العقول و لا تلجمها ، و يشيرون الى ضرورة وعي الأنظمة العربية لواقعها السياسي المفروض على المنطقة لصالح شعوبها ، فكما نرى الأزمات مستمرة و هي تعكس تناقضات داخلية لم تتم معالجتها .
يقولون و يقولون …. الخ و لكني أقف لأقول لهم قبل كل شيء انتبهوا الى بناء الانسان قبل بناء الاقتصاد ، انتبهوا الى بناء حس المواطنة لدى الفرد حتى يعي حق الوطن فيحافظ عليه و يحميه و يبتعد عن ثقافة العنف .
ألا ترون معي أن المشكلة اليوم أن الكثير يسمع و لا يعي ! و الا ما تفسير هذا العنف المستورد المتبنى من قبل البعض والمنتشر في العالم يصدره الغرب لنا.
للأسف إن ثقافة العنف تسيطر على عقولنا دون أن نشعر لأن الثقافة السائدة تظهر لغة حضارية بامتياز تستنكر العنف و لكنها في الوقت ذاته تغذيه على كافة الصعد الحياتية ….!
أن ما يحدث على الصعيد الانساني شيء مقزز لا يقبله الضمير الانساني الحي … و هذا العنف المدفوع ثمنه مثله في ذلك مثل الأحمق الذي سأله الجاحظ فقال له يا غلام : أيرضيك أن يكون لك مائة ألف دينار و تكون أحمق قال لا و الله يا عماه ، قال له الجاحظ : ويلك يا غلام و لم ؟ قال : يا عماه أضيع الدنانير و أبقى أحمق.
وحين تصيبنا خيبات الأمل نلوذ بالوطن نبحث عن كلمة بحجم الكون أحكي بها عن بلدي..
دمشق يا مدينتي العتيدة العصية على الانهزام …
دمشق يا من حبست في قمقمك الياسميني
دمشق أيتها المكتوبة في جبين الحق بأنك مهد الأنبياء ورسالاتهم يالله يا دمشق نسافر و تبقين في أنفاسنا
دمشق مدينتي ذات العطر السحري تزينها طرابين الحضارة دمشق أحيا توحدا و اياك
أيتها النجمة ، الياقوتة الشامخة ، المعطرة بالكبرياء
هل أحد يقرأ وجعك ووجعي ؟ … لم أعد أملك خيوطا ارقع فيها هذا الليل ….
يقال إنه في دورة زمان واحد يتحول النهار الى ليل و الليل الى نهار تراني أحلم بألا ينظر الى الغرب بدهشة و اعجاب مقرونين ؟
وأسأل الغرب الى متى سيظلون يحاولون اجتياح عالمنا دون احترام ليفرضوا أوامرهم و ايديولوجياتهم و كأننا رقم في ذاكرة العالم !…
و أشعر بغصة حين أتذكر قول المفكر الفرنسي روجيه كارودي : ” لست فخورا بانتمائي الى هذا العصر و أخجل من توصيفي بالمثقف الفرنسي اليساري و يؤسفني أن أغادر هذا العالم قريبا و أنا متخم بخيبة الامل ” .
خجلى … لأنه و كما قال بروكنز :” الشكوى هي أضعف أشكال الكلام “.