الثورة اون لاين- ترجمة ختام أحمد:
ظلت القدس مسرحًا لمواجهات عنيفة بين اليهود والعرب على مدى 100 عام ولا تزال واحدة من أكثر المدن المتنازع عليها على وجه الأرض وبؤرة الصراع في “الشرق الأوسط” باعتبارها موطن المواقع الدينية الرئيسية المقدسة للمسلمين والمسيحيين واليهود.
بدأت الاشتباكات الأخيرة مع بداية شهر رمضان (المبارك عند المسلمين)، عندما منعت السلطات الإسرائيلية بعض التجمعات الفلسطينية للقيام ببعض الشعائر الدينية الخاصة بشهر رمضان، وهذا ما أدى إلى زيادة الحساسيات الدينية.
ومن جهة أخرى استمرت التوترات بشأن خطة الإسرائيليين بطرد عشرات الفلسطينيين من منازلهم في أحد أحياء القدس الشرقية التي أدت إلى تأجيج المواجهات، ويوم الاثنين الفائت قامت الشرطة الإسرائيلية بضرب قنابل صوتية على تجمع من الفلسطينيين يقومون بشعائر دينية على قمة تل مقدس، وأصيب المئات أيضاً في اشتباكات بين محتجين حيث أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.
فيما يلي نظرة على السبب الذي يجعل القدس تبدو دائمًا على حافة الهاوية.
تعتبر “إسرائيل” أن القدس عاصمتها “الموحدة والأبدية”، وكانت قد احتلت القدس الشرقية التي تشمل البلدة القديمة في حرب عام 1967، إلى جانب الضفة الغربية وقطاع غزة.
أما الفلسطينيون فيريدون استعادة أراضيهم المسلوبة من أجل دولتهم المستقبلية، مع اعتبار أن القدس عاصمة فلسطين عبر التاريخ، لكن “إسرائيل” ضمت الجزء الشرقي من المدينة في خطوة غير معترف بها دولياً.
كان مصير القدس الشرقية من أكثر القضايا الشائكة في عملية السلام التي توقفت منذ أكثر من عقد، ومن المقرر أن يحتفل الإسرائيليون يوم الاثنين بيوم القدس، وهو عيد للاحتفال بالضم، خرج آلاف الإسرائيليين – معظمهم من القوميين المتدينين – في مسيرة عبر البلدة القديمة، بما في ذلك الحي الإسلامي المكتظ بالسكان، في عرض يعتبره العديد من الفلسطينيين استفزازيًا.
في الأيام الأخيرة نظم الإسرائيليون المتشددون أحداثًا أخرى في القدس الشرقية مما أدى إلى مشاجرات متفرقة وعنيفة مع الفلسطينيين، ووقعت اشتباكات يوم الاثنين في المسجد الأقصى بالبلدة القديمة ومحيطه.
المسجد هو ثالث أقدس موقع عند المسلمين ويقع على هضبة مترامية الأطراف تضم أيضًا قبة الصخرة الذهبية الشهيرة، يشير المسلمون إلى المجمع باسم الحرم النبيل، أما الهضبة المسورة فهي مقدسة عند اليهود، ويسمونها جبل الهيكل، باعتبارها موقع المعابد التوراتية، ويعتقد اليهود بأن الرومان دمروا الهيكل الثاني عام 70 بعد الميلاد، ولم يتبق منه سوى الحائط الغربي، وتم بناء المسجد بعد قرون، والموقع مفتوح للسياح خلال أوقات معينة، ولكن يُسمح فقط للمسلمين بالصلاة هناك، أما حائط المبكى فهو أقدس موقع يمكن لليهود الصلاة فيه.
في السنوات الأخيرة ، قامت مجموعات من اليهود المتدينين والقوميين برفقة الشرطة بزيارة الأقصى بأعداد أكبر وأقاموا الصلوات في تحد للقواعد التي وضعتها “إسرائيل” والأردن والسلطات الدينية الإسلامية بعد عام 1967، وينظر الفلسطينيون إلى الزيارات المتكررة ومحاولات الصلاة من قبل اليهود على أنها استفزاز، وغالبًا ما تؤدي إلى اشتباكات أو أعمال عنف أكثر خطورة.
يقول بعض الإسرائيليين إن الموقع يجب أن يكون مفتوحًا لجميع المصلين، ويرفض الفلسطينيون دخول اليهود خوفًا من أن تستولي “إسرائيل” على الموقع أو تقسمه في النهاية.
يقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم لا يعتزمون تغيير الوضع الراهن لكنهم في الحقيقة أقاموا مستوطنات يهودية في القدس الشرقية يسكنها نحو 220 ألف شخص وهذا ما حد بشدة من نمو الأحياء الفلسطينية وما أدى إلى الاكتظاظ السكاني والبناء غير المصرح به لآلاف المنازل الفلسطينية المعرضة لخطر الهدم.
أقرت منظمة هيومان رايتس ووتش ومقرها نيويورك بالسياسات التمييزية في القدس الشرقية في تقارير حديثة تقول إن “إسرائيل” مذنبة بارتكاب جريمة الفصل العنصري، وترفض “إسرائيل” هذه المزاعم قائلة إن سكان القدس يعاملون على قدم المساواة.
وهذا غير صحيح، وخير دليل الآن هي الاشتباكات الليلية الأخيرة مع بداية شهر رمضان عندما وضعت الشرطة الإسرائيلية حواجز خارج باب العامود في المدينة القديمة، وهو مكان تجمع شعبي بعد صلاة العشاء خلال الشهر الكريم عندما يصوم المسلمون من الفجر حتى الغسق، وأزالوا الحواجز في وقت لاحق، لكن تصاعدت الاحتجاجات بعد ذلك على التهديد بإخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، وكانت العائلات قد دخلت في معركة قانونية طويلة مع المستوطنين اليهود الأيديولوجيين الذين يسعون للحصول على عقارات في أحياء فلسطينية مزدحمة خارج البلدة القديمة.
تصوره “إسرائيل” على أنه نزاع عقاري خاص، لكن في الحقيقة هو تهجير مقصود ومدبر من قبل حكومتها لعائلات فلسطينية تملك الأرض والمنزل عبر التاريخ، وهذا من أجل السيطرة على القدس بشكل كامل، ودعت الفصائل الفلسطينية إلى انتفاضة جديدة، أو انتفاضة مثل تلك التي أثارتها زيارة سياسي إسرائيلي إلى الأقصى عام 2000، وخرجت احتجاجات في الضفة الغربية المحتلة وفي التجمعات العربية داخل “إسرائيل”، كما أدت سلسلة من حوادث إطلاق النار الدامية في الضفة الغربية الأسبوع الماضي إلى تصعيد التوترات.
وأدانت الدول العربية حملات القمع الإسرائيلية للاحتجاجات ،كما أدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ما سمته أعمال العنف الفلسطيني.
بقلم: جوزيف كروسفي
المصدر: وكالة أسوشيتد برس