الثورة أون لاين- عائدة عم علي:
تحولت المواجهات في القدس المحتلة إلى انتفاضة شاملة يؤكد خلالها الشعب الفلسطيني أنه أكثر إصراراً وعزيمة اليوم على استعادة كل حقوقه المسلوبة، وأن جرائم الاحتلال وممارساته العدوانية مهما بلغت وحشيتها لن تثني الفلسطينيين عن مواصلة الدفاع بأجسادهم عن قضيتهم ووجودهم التاريخي، ولن تمحو آمالهم بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.
وإذا كانت حكومة الاحتلال تراهن على أن بطشها وقوتها المفرطة ستدفع الفلسطينيين للتنازل عن حقوقهم، وتجبرهم على مغادرة ما تبقى من أراضيهم، فهي لا شك ستعيد حساباتها اليوم في ظل تنامي قدرة المقاومة وإثبات وجودها كصاحب حق يدافع عن أرضه وكيانه ووجوده، وما رشقات الصواريخ المتواصلة التي تطلقها المقاومة في غزة رداً على جرائم الاحتلال إلا خير مثال على إصرار أصحاب الأرض البقاء في هذه الأرض، ويكفي هذا الذعر والخوف المتنامي داخل قطعان المستوطنين لندرك مدى الضعف المستشري داخل الشارع الصهيوني، لأنه يدرك في نهاية المطاف أنه ليس صاحب هذه الأرض وإنما مغتصبها منذ أكثر من سبعة عقود، وسيأتي اليوم الذي سيجد نفسه مضطراً للاندحار تحت ضربات المقاومة التي تعمل بكل إمكانياتها على استرداد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
والولايات المتحدة راعية الإرهاب العالمي، والداعمة الرئيسية للكيان الصهيوني تتوهم أيضاً أن دعمها المفرط لكيان العدو، وإجراءاتها العنصرية على الأرض كنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة والاعتراف بضم الجولان السوري المحتل للكيان المحتل، ستشرعن وجود الاحتلال الغاصب في المنطقة، ولكنها تتجاهل المتغيرات التي حصلت بعد تنامي قوة محور المقاومة في المنطقة، الذي شكل دعما للمقاومين في فلسطين المحتلة والذين ازدادت قوتهم و فعاليتهم لاسيما بعد أن أجهضوا مخطط تهويد القدس الذي كان يهدف إلى تعويم نتنياهو بعد سقوط ترامب، الأمر الذي أعطى المقاومين الفرصة للتأكيد أنهم يشكلون قوة لا يمكن تجاهلها حيث فرضوا معادلات جديدة على الأرض.
كلنا نراقب مجريات الأوضاع في فلسطين المحتلة، ونلاحظ هذا الدعم غير المسبوق من قبل إدارة بايدن لحكومة العدو الصهيوني، وكيف منعت هذه الإدارة مجلس الأمن الذي عقد عدة جلسات من إصدار بيان إدانة للاعتداءات الإسرائيلية الوحشية، وهذا يصب في خانة تشجيع وتحريض حكومة العدو على الاستمرار بارتكاب جرائمها بحق الفلسطينيين في غزة والضفة وسائر الأراضي المحتلة عام 1948، ما يؤكد أن الولايات المتحدة هي شريكة في العدوان الإسرائيلي المتواصل ضد الشعب الفلسطيني، ولكن هذه الإدارة سرعان ما ستدرك بأن دعمها اللامحدود لكيان الاحتلال لن يفت عضد الفلسطينيين، ولن ينال من عزيمتهم في مواجهة العدوان والرد على الجرائم التي يرتكبها حكام العدو.
المقاومة تفرض اليوم معادلاتها بقوة على الأرض، وفصائل المقاومة في فلسطين المحتلة أوقفت إلى جانب الفلسطينيين الأحرار المنتفضين بوجه آلة القتل الصهيونية المخطط الصهيوني ومنعوا اقتحام الأقصى كمقدمة لهدمه، وأوقفوا التهويد في القدس ولم تنفع التهديدات الصهيونية في كسر إرادة الشعب الفلسطيني في غزة وبقية المناطق بما فيها المناطق المحتلة عام 1948 ليتوج بمشاركة الضفة الغربية، لتتحول الانتفاضة إلى ثورة رغم البطش الصهيوني وما يقوم به من قوة مفرطة وانتهاكات وجرائم حرب بحق الأطفال والنساء والمسنين، ولاشك بأن هذه الانتفاضة المتصاعدة سترسي قواعد اشتباك جديدة خلال المرحلة القادمة، من شأنها تعزيز قوة المقاومة، والتعجيل بطرد الاحتلال، ودفن مخططاته الاحتلالية التوسعية