الباحث والمحلل الاستراتيجي الدكتور حسن حسن للثورة: إنجاز الاستحقاق الانتخابي وفاء لدماء الشهداء وتضحيات السوريين

الثورة أون لاين – لميس عودة:
على التوقيت السوري ووفق بوصلة استراتيجيتها الصائبة، ورؤاها المرحلية والمستقبلية لترسيخ انتصاراتها المحققة في كل الميادين، تضبط الدولة السورية مواعيد استحقاقاتها الوطنية المدرجة في الروزنامة الدستورية وفق تقويمها السيادي انطلاقاً من انجازاتها التي تستكملها اليوم بالمضي قدماً لإنجاز الاستحقاق الانتخابي الرئاسي عبر تمكين مؤسساتها الوطنية من الاضطلاع بدورها في المتابعة والإشراف على كل تفاصيل ومجريات الفعالية الانتخابية لإتمامها بالشكل الأمثل وعبر دعوة كل المواطنين للانخراط في أداء حقهم الدستوري بكل نزاهة وشفافية والقيام بواجبهم الوطني.
ومع اقتراب مواقيت الساعة الانتخابية وما تعكسه أهمية المشاركة المجتمعية فيها تأكيداً على عمق الانتماء الوطني، والمعاني والدلالات والرسائل القوية التي يرسلها انجاز هذا الحدث السوري العظيم رغم ارتفاع الحدة العدائية وصخب التشويش من محور العدوان في هذه المرحلة المفصلية من التاريخ السوري، ولتسليط الضوء على هذه النقاط وغيرها كان للثورة حديث مع الدكتور في الدراسات الاستراتيجية والمحلل السياسي والإعلامي حسن أحمد حسن الذي أكد أن الدولة السورية حسمت أمرها، واتخذت القرار بتنفيذ الاستحقاق الدستوري الخاص بالانتخابات الرئاسية في السادس والعشرين من شهر أيار الحالي بشفافية ووضوح فتم الإعلان عن فتح باب الترشيح أصولاً، وتلا ذلك وفق التوقيتات المحددة دستورياً الإعلان عن الأسماء التي استوفت طلباتها شروط الترشيح، وتم قبول ترشحهم لتنطلق الحملات الانتخابية تمهيدا لعملية الاقتراع في 26/5/2021 وفيما يلي نص الحوار:
*ما سر الإصرار السوري على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وما أهمية ذلك ودلالته؟.
أشكرك على توخي الدقة في مضمون السؤال، وكما أشرت نحن أمام انتخابات رئاسية في موعدها، أي أن الدولة السورية تنفذ استحقاقاً دستورياً، وعندما نقول استحقاقاً دستورياَ أي المرتبة الأعلى من القوانين والأنظمة التي لا يجوز خرقها ولا السماح بالمساس بها، فالنص الدستوري هو تعبير عن إرادة الشعب وعلى الدولة تجسيد هذه الإرادة بشكل عملي، وما تقوم به الدولة السورية هو التزام تام بما نص عليه الدستور السوري الملزم قانونياً للجميع.
النقطة الأخرى التي يمكن الإشارة إليها هنا هي حرص الدولة السورية على تنفيذ جميع الاستحقاقات الدستورية السابقة في مواعيدها بما في ذلك انتخاب مجلس الشعب لدورتين متتاليتين، والانتخابات الرئاسية عام 2014، على الرغم من شدة ضغط الظرف الميداني آنذاك، ومن المهم الإشارة إلى نقطة جوهرية خاصة بهذه الانتخابات الرئاسية، ففي عام 2014 كان الهاجس الأكبر يتعلق بالجانب الأمني، وكان هناك إمكانية لنزول القذائف بالقرب من العديد من المراكز، ومع ذلك تم تنفيذ الانتخابات بصورة ناجحة جسدت حرص السوريين على سيادية قرارهم الوطني، واليوم في انتخابات عام 2021 الهم الأكبر والهاجس الرئيس للحكومة والشعب يتعلق بالجانب المعيشي وليس الأمني، وهو مهم جداً ولا يمكن تجاهله أو تناسيه، لكن ما أود قوله هنا: من ذهب للمشاركة في الانتخابات عام 2014متحملاً مواجهة خطر الموت يستطيع أن يذهب لممارسة هذا الحق الدستوري رغم الظروف الاقتصادية الضاغطة، والتي ما كانت لتكبر وتتضخم لولا الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة من الخارج المعتدي، والضغط على المواطن السوري بكل السبل، وبالتالي الرد الأبلغ على كل ذلك من خلال المشاركة الفاعلة والواسعة بهذه الانتخابات، ودفع أطراف العدوان للوصول إلى قناعة أن السوريين يدركون حقيقة ما يواجهونه، وهم مصممون على تنفيذ هذا الحق الدستوري والحصري الخاص بالشعب السوري يقيناً منهم أن “الحرة تموت جوعاً ولا تأكل بثدييها”، والسوريون لن يموتوا، بل سينتصرون في جميع فصول هذه الحرب بما فيها الجانب الاقتصادي والحرب على الوعي.
*تركيا وألمانيا وبعض الدول تمنع السوريين من المشاركة بالانتخابات، كما أن هناك مواطنين محتجزون في مساحات جغرافية محتلة يسيطر عليها الإرهاب.. ماذا عن المشاركة المجتمعية وكيف تقرأ منع هؤلاء السوريين من ممارسة حقهم الدستوري؟.
كل صوت يدخل الصناديق رصاصة موجهة إلى صدور أطراف العدوان..
أشكرك على هذا السؤال الذي يجب التوقف عند تفاصيله بكل وضوح وشفافية، ولذا سأوزع الجواب على أفكار عامة وعناوين لا يمكن المرور عليها من دون توقف عند مضامينها، ومنها:
– استمرار فصول الحرب المفروضة على سورية لا يبيح التخلف عن تنفيذ أهم استحقاق دستوري، وهو الانتخابات الرئاسية تحت أي ذريعة أو مسمى بل على العكس يجب أن يشكل حافزاً إضافياً، لأنه تعبير عملي وحقيقي عن سيادة الدولة، وهذا ما تم فعله على أرض الواقع.
– الجانب الأهم في أية انتخابات هو العنصر البشري، أي أن الأهمية الأولى والأساسية تتعلق بالديموغرافيا، وليس بالجغرافيا، فمن يدلون بأصواتهم هم الأشخاص وليس الأشجار ولا الوديان والسهول والصحارى وغير ذلك، وبالتالي وجود مساحات جغرافيا محتلة من قبل الأمريكيين أو الأتراك أو بقية التنظيمات الإرهابية المسلحة لا تلغي إمكانية إجراء الانتخابات، مع العرض أن الغالبية العظمى من سكان المناطق الواقعة خارج سيطرة الدولة السورية قد غادروا تلك المناطق، والكثير منهم يقيمون في محافظات سورية متعددة ضمن سيطرة الدولة، والأعداد الباقية هي حجةٌ على من يدعون لمقاطعة الانتخابات، وليست حجة معهم، فإذا كانوا حريصين فعلاً على مصلحة المواطن السوري، وعلى الحرية والديمقراطية التي يدعونها ويصدعون الرؤوس بالحديث عنها فليسمحوا للمواطنين هناك بالذهاب والمشاركة في الانتخابات، مع ترك الحرية لهم ليختاروا من يشاؤون من المرشحين.

– بالنسبة للسوريين المقيمين خارج الدولة هرباً من الإرهاب الذي صدروه لنحر الدولة السورية، فهؤلاء فعلاً شاهد حقيقي ودليل دامغ على نفاق الدول التي يقيمون فيها، وبخاصة دول الغرب الأطلسي، وبعض العواصم التي كانت وما تزال طرفاً أساسيا من محور العدوان على سورية، فمن المعروف أن هناك بعض السفارات أو القنصليات السورية في دول يقيم فيها الكثير من السوريين، فلتقم تلك السلطات بالسماح للجميع بالتوجه إلى تلك السفارات والقنصليات والمشاركة في العملية الانتخابية، بدلاً من التهديد والوعيد بإبعاد كل من يشارك في الانتخابات.. هنا يظهر النفاق الغربي على حقيقته، فطالما أنكم تدعون الحرص على تمكين السوريين من التعبير عن إرادتهم الحرة، وطالما أنكم مقتنعون كما تسوقون في إعلامكم المشبوه أن أولئك تركوا سورية هرباً من بطش الدولة، فدعوهم يشاركوا في الانتخابات، وليقولوا كلمتهم ويختاروا المرشح الذي يريدون.. فلماذا يتم الإصرار على عرقلة الانتخابات والتشكيك المسبق بها؟ هؤلاء مقيمون خارج سلطات الدولة السورية، ويتمتعون برخاء” الحرية والديمقراطية” وفق تشدقاتكم، وهذا يجب أن يكون له صدى في صناديق الاقتراع، فدافعوا عن ادعاءاتكم ويسروا أمر تنفيذ الانتخابات إن كنتم صادقين.. هم يدركون سلفاً أنه لو قدر لأولئك السوريين أن يشاركوا في الانتخاب فسيعبرون عن خيارهم الوطني المعروف لدى الجميع، ولأنهم على يقين من ذلك عملوا على حرمان السوريين المهجرين لديهم من ممارسة حقهم الدستوري، وهذا يشكل اعتداء سافراً على حق شخصي وحصري بكل مواطن سوري يقيم في أية دولة ضمن ظروف لا تسمح له بممارسة حقه الانتخابي الذي كفله الدستور.
– إذا كانت انتخابات 2014 قد شهدت إقبالا غير مسبوق بين صفوف المقيمين في لبنان على المشاركة في الانتخابات، فكل المؤشرات تدل على أن الانتخابات الحالية قد تحمل معها العديد من المفاجآت التي ستصيب آلة الدجل والتضليل الإعلامية في انتكاسة غير مسبوقة إمام إصرار كل من يستطيع من السوريين التوجه إلى صناديق الاقتراع، والمشاهد صباح اليوم من بيروت ومن كل العواصم التي تنقلها العدسات خير شاهد.
– النقطة الأخيرة الخاصة بهذا الجانب تتعلق بتوضيح أن المشاركة المجتمعية الفاعلة والنوعية هي الروح الخاصة بالانتخابات، وهي الشاهد الأبلغ على تمسك السوريين بسيادتهم، وكل صوت يدخل الصناديق هو بمثابة رصاصة موجهة إلى صدور أطراف العدوان على سورية، وبالتالي الوفاء لدماء الشهداء ولتضحيات السوريين شعباً وجيشاً وقيادة يكون بالإصرار على تنفيذ هذا الواجب والحق الدستوري بالتكامل مع الدور المشرف الذي يضطلع به حماة ديارنا الميامين على الوجه الأكمل.
* ما الرسائل التي يتضمنها إجراء الانتخابات الرئاسية داخلياً وخارجياً ؟
**الرسائل كثيرة ومتعددة الجوانب والمضامين، واستطيع بتكثيف شديد أن أشير إلى أهمها، وما تتضمنه من معان ودلالات بالنقاط التالية:
• إجراء الانتخابات الرئاسية في توقيتاتها المحددة دستورياً دليلٌ على:
أ ـ قوة الدولة السورية بعد مرور أكثر من عشر سنوات على أقذر حرب عرفتها البشرية
ب ـ اهتمام الدولة وتمسكها بالدستور المعبر عن إرادة الشعب.
ج ـ حرص الدولة وإصرارها على الالتزام بالأسس الديمقراطية، وأهمها الانتخابات الدستورية تشريعية كانت أم رئاسية.
د ـ إيمان الدولة بضرورة احترام رغبات السوريين وقناعاتهم والتقيد التام بما تفرزه صناديق الاقتراع من نتائج.
ه ـ الوفاء المطلق لدى السوريين تجاه وطنهم، وإصرارهم على ممارسة حقهم الدستوري، وتمسكهم بسيادة دولتهم بغض النظر عن الظروف القاسية والضغوط الكبيرة التي يتعرضون لها في كل ما يتعلق بطبيعة الحياة اليومية.
• تمكين المواطنين السوريين من ممارسة حقوقهم يعني الثقة المتبادلة بين الشعب وقيادته، ومن لا يعجبه هذا الكلام فليغنّ على ليلاه كما يحلو له، فالسوريون متمسكون بهذا الحق الحصري بهم، ولا يحق لأية جهة أو قوة في الكون التحدث باسمهم، ولا التدخل في خياراتهم وقرارهم بانتخاب من يرونه معبراً عن إرادتهم، ومجسداً لطموحاتهم وآمالهم المشروعة وفي مقدمتها إتمام القضاء على الإرهاب التكفيري المسلح،   وإلحاق الهزيمة بداعميه والمستثمرين به، وتحرير كل الجغرافيا السورية، وعودتها إلى كنف الدولة.

• هناك خصوصية تحكم توجه السوريين في السادس والعشرين من هذا الشهر للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، فالموضوع ـ كما أرى ـ يتجاوز انتخاب شخص لمنصب الرئاسة، لأن الأمر مرتبط بالنهج والتوجه والدور الذي تضطلع به الدولة السورية، ولا يستطيع أي ناخب أن يتناسى الوجع والآلام والجراحات والكوارث التي أصابت جميع السوريين جراء هذه الحرب المفروضة، كما لا يستطيع أي ناخب أن يحذف من ذهنه التفكير بما ينتظر الجميع لو استطاعت أطراف التآمر والعدوان أخذ سورية إلى ضفة أخرى، والمواطن السوري يعلم علم اليقين أن أحد أهم عوامل صمود الدولة السورية يرتكز على الثالوث المقدس: الشعب الوفي، والجيش الأبي، والقائد الاستراتيجي، ومن حق كل سوري أن يكون وفياً لأرواح الشهداء وعذابات الجرحى، وأن يحافظ على الأمانة والهدف الاستراتيجي المتمثل بسيادة الدولة السورية، وحق السوريين في انتخاب من يرأسهم، ونظام الحياة الذي يناسبهم، لا ما يناسب أعداءهم الذين أخفقوا في تقسيم سورية الأبية الصامدة المنتصرة، فما لم يأخذوه بالبنادق وميادين الصراع، لن ينالوه بثقافة الفنادق وصناديق الاقتراع.

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار