الباحث الاستراتيجي تركي الحسن للثورة: إنجاز الاستحقاق الدستوري تعزيز لدور المؤسسات الوطنية ونسف لمخططات منظومة العدوان
الثورة أون لاين – لميس عودة:
يحمل إتمام فعاليات الاستحقاق الوطني الانتخابي في معانيه ومضامينه أبعاداً داخلية وخارجية كثيرة، ويبعث برسائل قوية تتضمنها مدلولات إنجازه بالشكل الأمثل، رغم الظروف الصعبة التي يكابدها السوريون، فهو من جهة حدث مفصلي في تقويم الانتصارات السورية يرسخ الانتماء الوطني و يرسم آفاق المراحل اللاحقة ويحدد سبل استكمال مواجهة العدوان وطي صفحات الإرهاب بشكل نهائي عن الجغرافيا السورية، ومن جهة أخرى يجدد التأكيد على أن الاستحقاقات الوطنية شؤون سورية بحتة لا مجال فيها لتدخلات سافرة من أعداء الشعب السوري ومحاولات فرض أجنداتهم أو إملاءاتهم .
عن أهمية إجراء الاستحقاق الانتخابي حسب مواعيده المدرجة في الروزنامة الدستورية التشريعية ورسائله ومعانيه وأهمية المشاركة المجتمعية فيه وغيرها من النقاط المهمة كان “للثورة” لقاء مع الخبير والباحث الاستراتيجي العميد تركي الحسن الذي أوضح أننا نعيش حرباً وعدواناً شُن علينا منذ أكثر من عشر سنوات هدفه الأساسي هو إسقاط الدولة السورية، وإسقاط الدولة يعني فيما يعنيه إسقاط مؤسساتها الوطنية، مضيفاً أنه من المعروف للجميع أن مؤسسة الرئاسة هي في المقام الأول، لأنها رأس السلطة التنفيذية، فحاجة المجتمعات أو الشعب أو الدولة لوجود سلطة حاجة أساسية، كونها أي السلطة جزءا من تكوين الدولة التي هي عبارة عن سلطة وأرض وشعب، إذاً نحن بحاجة إلى إقامة سلطة دائمة إذ لا يمكن أن تستقيم الدولة من دون وجود السلطة، ولا يمكن أن تقوم دولة بالعالم من دون وجود سلطة، منوهاً بان غاية الحرب الإرهابية التي شنت على الدولة السورية منذ العام 2011 وحتى الآن، والمشروع الغربي العدواني وما رافقه من آلة دعائية ضخمة لنفث سموم شعارات كاذبة أولها عدم شرعية النظام، كان هدفه الأساس إفراغ الدولة من المؤسسات، لذلك بدأ العدوان بالتشكيك بشرعية الرئيس وتسويق أباطيل واتهامات وفبركات كاذبة، وهذا النهج العدواني لم يتبدل من عشر سنوات حتى الآن طالما أن الغاية الدنيئة لم تفارق بعد ذهنية قوى العدوان .
وأكد أن حاجة المجتمع أو حاجة الدولة إلى وجود سلطة موجود في كل دول العالم ليس في سورية فقط، وكل الدول التي عصفت فيها حروب كانت دوماً تبحث عن وجود سلطة لحاجة الإنسان لتأمين مستلزماته واحتياجاته الوجودية من غذاء ودواء واستشفاء وكهرباء ونفط وطاقة وتدفئة وعوامل استقرار وأمان، لذلك كان الهدف من وراء اللهاث لإسقاط الدولة في سورية وإفراغها من السلطة والسعي المحموم لتدمير مقومات حياة الشعب السوري للإيحاء بأن الدولة عاجزة عن القيام بواجباتها مما يمنحهم مساحة للتدخل العدواني بذرائع تقديم مساعدات إنسانية تحت شعار الأمم المتحدة ومنظماتها، أو هذه الدول لا تنتظر قرارات من الأمم المتحدة كما فعلت الولايات المتحدة والتحالف عندما غزت العراق في عام 2003 لذلك سعت هذه الدول لتمرر عدواناً مباشراً على سورية وتتيح لنفسها تدخلاً سافراً بالشؤون السورية الداخلية تحت مسميات رفع معاناة الشعب السوري، وهذا الأمر تم التركيز عليه في الأعوام2014 – 2015- 2018 إلا أن الدولة السورية كانت مدركة وواعية للمؤامرات الهادفة لإحداث فراغ بالسلطة لذلك كان الإصرار كبيراَ ومازال على إجراء كل الاستحقاقات التشريعية في مواقيتها سواء التشريعية أو التنفيذية والانتخابات الرئاسية التي هي جزء من السلطة التنفيذية لقطع كل الطرق على المخططات العدوانية.
إسقاط الدولة بإدارة التوحش الإرهابي إيديولوجياً “القاعدة” وتفريخاتها..
ولفت الباحث الحسن إلى أن هناك توافقاً بين العدوان ومن يقوده ويوجهه وبين التنظيمات الإرهابية التي كانت أيضاً تحاول إسقاط السلطة لتبرر وجود سلطة بديلة، منوهاً بأن هناك تنظيرا لدى القاعدة الحركة الإرهابية، فعندما نقرأ كتاب “إدارة التوحش” للإرهابي أبي بكر الناجي أحد كبار منظري “القاعدة” والذي يقول: “علينا إسقاط الدولة من خلال التوحش” وعندما يكون هناك توحش تصبح حاجة المواطن لإقامة أي سلطة بأي شكل كانت، وبالتالي إمكانية قبول من يقبعون في مناطق سيطرة الفصائل الإرهابية لإدارتهم من قبل المجموعات الإرهابية كما جرى في المحافظات الشرقية في دير الزور والرقة وجزء من حلب وحتى أنه كان موجوداً في الغوطة الشرقية والآن في إدلبْ أي التوافق بالمشروع العدواني بين من خطط ووجه ومن يقود ومن ينفذ في هذا المكان.
وأكد العميد الحسن أن الاستحقاق الدستوري الحالي الذي تستكمل إنجازه الدولة السورية – وكانت قد أنجزته سابقاً في 2014-، لم تخل في توقيت إنجازه وتأمين مستلزمات إجرائه في مواعيده المعلنة وذلك حفاظاَ على الدولة السورية بعد أن حافظنا عليها في الميدان، وصمدنا في وجه العدوان، وقضينا على الإرهاب في جغرافيا واسعة من الخريطة السورية، ونستكمل مهام التحرير ونسف المشاريع الاستعمارية الأميركية والتركية والإسرائيلية عن كل التراب السوري وإعادة بناء الدولة من جديد.
دورة الحياة الدستورية مكتملة ومستمرة..
وعن المعاني والدلالات التي يجسدها ويعكس رسائلها إنجاز الاستحقاق الدستوري الرئاسي في مواقيته المعلنة والمحددة أوضح الباحث الحسن أن المعاني والدلالات تكمن في أن دورة الحياة التشريعية الدستورية مكتملة و مستمرة ولم تتعطل رغم الحرب الإرهابية، مضيفاً أن الدولة السورية وعلى مدى عشر سنوات من الحرب الإرهابية التي شنت عليها ومازالت مستمرة للحظة الراهنة كان في صلب استهدافها شل عمل مؤسسات الدولة وتعطيل العجلة الدستورية، فسورية أزالت من طريق عربة الحياة الدستورية كل مفخخات التعطيل وأجرت كل استحقاقاتها الوطنية قاطعة الطريق على الأعداء من تحقيق هدفهم المنشود هذا،إذ إنها أجرت خلال فترة الحرب العدوانية عليها ثلاثة انتخابات تشريعية وثلاثة انتخابات للإدارة المحلية، والآن تجري الانتخاب الثاني لمنصب رئاسة الجمهورية، حيث كان الأول في عام 2014 .
ويلفت الباحث الاستراتيجي الحسن الانتباه إلى أن الشعب السوري عندما يشارك في الفعاليات الانتخابية فإنه يؤكد على تمسكه بدولته وببقاء الدولة، موضحاً أن هذا الشعب الذي قدم مئات الآلاف من الشهداء والجرحى تحريراً للأرض من الإرهاب، وحفاظاَ على السيادة الوطنية لن يتوانى عن أداء واجبه الوطني حفاظاَ على استمرارية عمل الدولة، وهو أي شعبنا السوري واعي ومدرك وصاحب مصلحة حقيقية، ليست مصلحة شخصية فقط وإنما المصلحة العامة في تمكين مؤسسات الدولة من القيام بعملها، فبقاء الدولة يعني أن مشروع استهدافها قد فشل، فشل عسكرياَ وفشل رغم الحصار اقتصادياً، وفشل في الحرب النفسية التي كانت موجهة ضد السوريين، وفشل في الحصار السياسي والاقتصادي والدبلوماسي، أي أن هؤلاء الذين شنوا الحرب الإرهابية فشلوا وأخطأت حساباتهم، حيث تمكن التلاحم الأسطوري بين الثالوث المقدس الجيش والشعب والقيادة أن يجهض المؤامرات، واستطاع وعي الشعب السوري الذي كان كبيراً أن ينسف المخططات التخريبية الهدامة ويحافظ على الدولة ويبقيها صامدة في وجه العدوان.
الوعي المجتمعي ترس وطني يصد سهام الاستهداف..
وعن دور الوعي الشعبي بضرورة المشاركة في الفعاليات الانتخابية لتعزيز بناء الدولة وتفعيل عمل مؤسساتها الوطنية وقطع الطريق على المصطادين في عكر الإرهاب السياسي والعسكري والاقتصادي والمتاجرين بالملف الإنساني لفت العميد الحسن إلى الوعي الشعبي لأبعاد المؤامرة المرسومة لتمزيق سورية وزعزعة استقرارها وعودة الحس الوطني لكثير ممن غرر بهم -سواء عن طريق المال أو بالحرب النفسية- ونسبتهم ليست كبيرة مقارنة بمن حافظوا على متانة الدولة وقدموا التضحيات، هذا الحس الوطني لم يتأخر كثيراً وبدأت إرهاصاته تظهر من عام 2014 وتجلى ذلك في أول مصالحة وطنية تمت في الخالدية بعد خروج الإرهابيين من حمص وتبعها العديد من التسويات والمصالحات الوطنية في أكثر من مكان تحرر وعاد إلى السيادة الوطنية، وهنا نلاحظ أن عودة الحس الوطني لمن تماهوا بداية مع المشروع المعادي وغرر بهم، وتنامي الوعي الشعبي السوري وإدراك أبعاد المؤامرة الرامية لتفتيت الدولة وتقسيم سورية وظهور مصطلح “سورية المفيدة” والترويج من الدول المعادية له ومراد به التقسيم إلى أربع أو 5 دول، الوعي السوري لهذه المشاريع والمخططات الاستعمارية كان كبيراً رغم الضغط النفسي والتجويع والحصار ورغم الآلة الدعائية المعادية التي سخرت لقلب الحقائق وتشويه المعطيات، مضيفاً أن الدلالات هنا كبيرة كنتيجة وليس كمقدمة، فالمقدمة دفعنا أثمانها الكبيرة منذ بداية الحرب الارهابية2011.
شرعية الانتخابات منبثقة من الدستور السوري وليس من الأبواق الإعلامية المأجورة..
وعن الهجمة الدعائية العدائية المسعورة التي استبقت الإعلان السوري عن إجراء الاستحقاق الانتخابي الرئاسي ومازالت متواصلة حتى اللحظة وقوامها التشكيك بمشروعية الفعالية الانتخابية ونزاهتها أكد الباحث الاستراتيجي الحسن أنه قبل أن يعلن السيد رئيس مجلس الشعب عن إجراء الاستحقاق الرئاسي ومواعيد والتسلسل الذي سيجري وفقه كانت حملات التشكيك موجودة وهي ليست جديدة بل هي استمرار لكل ما قام به محور العدوان سابقاً وكانت غايته منذ البداية كما أوضحت إفراغ المؤسسة الرئاسية وصولاً لهدم الدولة، وهذا الأمر متوقع وليس مفاجئاً، لكن كل السوريين لا يقفون عند هذا التشكيك ويعتبرونه جزءا من مستلزمات الحملة الدعائية العدائية لاستهداف سورية، لذلك نحن سائرون لإنجاز هذا الاستحقاق حتى النهاية بغض النظر عن الآراء التي تطرح من هنا وهناك سواء كانت لدول أو لحكومات أو حتى لشخصيات أو قوى سياسية منذ البداية كان موقفها معروفاً واصطفت ضد الدولة السورية منذ بدء العدوان وكانت رأس حربة الاستهداف، منوهاً بأن حملة التشكيك ستستمر ولكن هذا الأمر ليس مهماً فنحن شرعيتنا ليست من الآراء وليست من الأبواق الإعلامية المأجورة وليست من الرؤساء الآخرين، مشيرا إلى أن دعوة برلمانات 14 دولة صديقة لتراقب وترى بالعين الفاحصة وترصد مجريات الفعالية الانتخابية وأن السوريين يجرون الانتخابات كما كل دول العالم وفق الدستور السوري وبالنهج الديمقراطي ووفق معايير دولية، حيث يحق لكل سوري انتخاب من يراه مناسباً ويتوافق مع برنامجه الانتخابي، وبالتالي حملات التشكيك لا قيمة لها.