الثورة أون لاين – راغب العطيه:
دائماً السوريون يدهشون العالم، وخاصة في الأوقات والمناسبات المهمة والحاسمة في تاريخ بلادهم، وتشهد عليهم وعلى أفعالهم أكثر من عشر سنوات وقف فيها الشعب السوري وقفة رجل واحد مع جيشهم العربي السوري في مواجهة الحرب الإرهابية متعددة الجنسيات التي تقودها ضدهم الولايات المتحدة الأميركية وتشارك فيها إلى جانب “داعش والنصرة” وغيرهما من التنظيمات الإرهابية جميع الدول والكيانات التي تسير وفق بوصلة واشنطن.
وبرهن السوريون على مدار العقد الماضي أن الأوطان لا يبنيها إلا أبناءها ولا يصونها ويحميها إلا جيوشها الوطنية، وقدموا في معركتهم ضد الإرهاب وداعميه الغالي والنفيس من أجل عزة وطنهم واستقلاله، فكانت أرواح الشهداء تسيّج حدود الوطن من الطامعين والغزاة والمرتزقة، ودماؤهم ودماء الجرحى تزهر عزة وعنفوان وكرامة، في وقت كثر فيه الانهزاميون والمطبعون.
واليوم وبمناسبة الاستحقاق الرئاسي يدهش السوريون العالم من جديد، ويؤكدون للقاصي والداني أن سورية دولة مستقلة وذات سيادة ولا يمكن أن تخضع أو ترضخ لضغوط الأعداء، والتي كان آخرها الهجمة الإرهابية متعددة الجنسيات منذ عام 2011 إلى يومنا هذا، بالتوازي مع العقوبات الاقتصادية والإجراءات القسرية الأحادية والخارجة على القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة.
فمن أستراليا إلى اليابان وماليزيا في الشرق إلى الأرجنتين وفنزويلا وكوبا في أقصى الغرب، مروراً بالهند والكويت وبيلاروس والسويد وقبرص وتنزانيا وباكستان وروسيا الاتحادية والصين إلى العديد من الدول الأخرى التي لا يسعنا ذكرها، أبدى السوريون اليوم حساً عالياً بالمسؤولية، من خلال حضورهم إلى مراكز الاقتراع في السفارات والقنصليات السورية المنتشرة حول العالم، منذ الساعة السابعة صباحاً بحسب التوقيت المحلي للعواصم والدول التي فتحت فيها صناديق لانتخاب رئيس للجمهورية العربية السورية، وبقيت المشاركة في الاقتراع بحسب المراسلين السوريين متواصلة إلى ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، لا سيما وأن اللجنة القضائية العليا للانتخابات، كانت ونظراً للإقبال الكثيف على المشاركة في بعض السفارات السورية في الخارج وطلب وزارة الخارجية والمغتربين إتاحة المجال أمام المواطنين الراغبين بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية قد قررت تمديد فترة الانتخابات في السفارات السورية حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً حسب التوقيت المحلى لكل سفارة.
ولم يعكر صفو هذه العملية الديمقراطية إلا قرارات بعض الدول المعادية لسورية بمنعها المواطنين السوريين من المشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري، وفي مقدمة هذه الدول ألمانيا التي احتج على قرارها السوريون الموجودون على أراضيها ونظموا وقفة احتجاجية أمام مبنى السفارة السورية في برلين أكدوا خلالها أن مستقبل سورية لا يرسمه إلا السوريين، كما أدانت وزارة الخارجية والمغتربين قرار الحكومة الألمانية الجائر، مؤكدة أنه يشكل انتهاكاً سافراً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية وإخلالاً بالالتزامات التي ترتبها هذه الاتفاقية على الدولة المضيفة.
وقد جاءت رسالة السوريين الموجودين في الخارج اليوم لتؤكد من جديد أن وعي الشعب السوري فوق كل الفبركات والتضليل الذي تحاول أن تمرره منظومة العدوان بشكل مناف لكل القوانين والشرائع الدولية، إلا أن السوريين كانوا أكبر من ذلك وأوعى، وقد برهنوا عن وطنيتهم وقوميتهم بمشاركتهم الكثيفة في الاستحقاق الرئاسي، والذي يعد بدوره انتصاراً آخر يضاف إلى الانتصارات السورية في المعركة ضد الإرهاب وداعميه، ويؤسس لمرحلة استكمال تطهير الأراضي السورية من جميع أنواع الإرهاب، ومن الوجود الأجنبي للاحتلال الأميركي والتركي والصهيوني، وكذلك يؤسس لإعادة الإعمار وعودة المهجرين السوريين إلى وطنهم ومدنهم وبلداتهم وقراهم معززين مكرمين.