الثورة أون لاين – لميس عودة:
في مسيرة حياة الدول، تعتبر بعض الأحداث روتينية وبعضها مصيرية، ولا شك بأن أهمية الأحداث لا تتأتى فقط من حجمها وثقلها وتأثيرها، فبعضها يكتسب أهمية مضاعفة بسبب التوقيت والظروف الاستثنائية التي تجري فيها، وخاصة في ظل رهان الأعداء المستمر على فشلها، بهذه الكلمات بدأ الدكتور منذر علي أحمد قراءته التحليلية لمشهد إجراء الاستحقاق الانتخابي واستثنائية الحدث المكتسبة من توقيته ومعانيه ودلالاته، مؤكداً أن الانتخابات الدستورية الرئاسية في الجمهورية العربية السورية لعام 2021 تكتسب خصوصيتها وفرادة أهميتها كونها تجري في مرحلة دقيقة جداً تستعر فيها نار الاستهداف الإرهابي السياسي والاقتصادي ويزيد فيها صخب التشويش لتعطيل دوران عجلة الحياة الدستورية، مضيفاً أن في إتمامها بالشكل الأمثل ترسيخ وتمتين للانتصارات المحققة على أكثر من صعيد أولها الميداني، إضافة إلى أنها تعكس بشكلٍ جلي وواضح حالة التعافي التي تشهدها سورية على مختلف المستويات.
ونوه الباحث أحمد إلى أن أهمية هذه الانتخابات تكمن في التأكيد على استقلالية القرارات السيادية حيث أنها تجري من دون أي إملاءات خارجية ومن دون أي تأخير في مواعيدها الدستورية المحددة، لافتاً إلى أن لحالة الالتزام بالتواقيت الدستورية المقررة أهمية كبرى، فالانتخابات الرئاسية الحالية تجري وفق الدستور والقانون السوري وتحت إشراف اللجان الدستورية السورية وبترشيح من قبل أعضاء مجلس الشعب المنتخبين.
وعن الرسائل التي يبعثها الإصرار السوري على إنجاز الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في مواقيته الدستورية أوضح الباحث أن إجراء الانتخابات الرئاسية الحالية يحمل في مضامينه وأبعاده رسائل قوة ومنعة وثبات فهو يوجه رسائل للخارج مفادها بأن سورية بدأت مرحلة التعافي والنهوض، فهي تمرض ولكنها لا تموت وتوجه رسالة للأعداء بأن رهاناتكم بالقضاء على الهوية السورية وتدمير حضارتها قد سقطت تحت أقدام أبطال الجيش العربي السوري.
وعن أهمية المشاركة المجتمعية وانخراط السوريين في عملية إنجاز الاستحقاق لإنجاحه أكد أن المواطنين الوطنيين من السوريين هم من سيكون لهم كلمة الفصل في نجاحها، فالمواطنون يدركون بشكل كبير بأن سر النجاح والنصر في المعركة يعود بشكل رئيسي لتأديتهم لدورهم الفعال ضمن معادلة ” الشعب والجيش والقيادة” فهم الحاضنة الأشمل والمولد الرئيس للعناصر الأخرى، ويدركون بأن دورهم الرئيسي في هذه المعركة هو دعم خيارات وقرارات الجيش وقيادته عبر المشاركة الفعالة في هذا الاستحقاق الذي من شأنه أن يحقق التوازن لبقية العناصر الأخرى، وينتج قيادة قادرة على تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم.
ويضيف إن المتابع لأحداث المنطقة منذ انطلاق ما يسمى “الربيع العربي” وما تبعه من رهانات مستمرة من أعدائنا على سقوط الدول المقاومة في المنطقة وعلى رأسها سورية، يدرك بأن جميع رهاناتهم مهما كان حجمها كبيرة أم صغيرة، قد سقطت جميعها الواحدة تلو الآخر، وذلك بفضل صمود الشعب وتلاحمه حول الجيش والقيادة، مشيراً إلى أن كل انتصار عسكري أو سياسي أو اقتصادي أو إنجاز استحقاق دستوري كان يقابله تداعي حجر من أحجار المؤامرة المحاكة ضدنا، لذا نرى أن تركيزهم في هذه المرحلة منصب بشكل رئيسي على إفشال ومنع تحقيق أي استحقاق دستوري مهما كان حجمه، والاستحقاق الرئاسي ليس استثناء من هذا الاستهداف الممنهج، فهو لم يسلم منذ الإعلان عن تاريخ إجرائه من عمليات التشويش والتشويه والتضليل والافتراء الممنهج والرفض الاستباقي لنتائجه من قبل الأعضاء الغربيين في مجلس الأمن الدولي، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة.
وتابع الدكتور أحمد بأن المفارقة الصارخة في هجمات التشكيك هذه، والهجوم الدعائي المغرض والتشويش الممنهج على إقامة الاستحقاق الدستوري أنها تأتي من دول تدعي الديمقراطية وترتدي أقنعة الدجل والخداع فهي تبرز وجهها المنافق على الملأ الدولي حينما يتعلق الأمر بالمسألة السورية، فنراها تمنع المواطنين السوريين من ممارسة حقهم بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية فترفض فتح باب السفارات السورية أمام المواطنين السوريين المقيمين على أراضيها لمنعهم من ممارسة حقوقهم المشروعة في اختيار من يرونه مناسباً كرئيس لبلدهم، وهو ما قامت به السلطات الألمانية قبل يوم واحد من الانتخابات برفض الموافقة على إقامة الانتخابات الرئاسية داخل سفارة الجمهورية العربية السورية في برلين، لكن حشود السوريين أمس أمام سفاراتنا في مختلف العواصم خيب آمال منظومة العدوان وأدواتها.
وختم المحلل السياسي حديثه بالقول: إن الاستحقاق الرئاسي شأن سيادي، وإنجاز مهم من إنجازات الدولة السورية، ورغم كل التشويش الخارجي فإنه ماضٍ في طريقه نحو الإنجاز وسيسجل انتصاراً جديداً للدولة السورية وسيشق الطريق نحو التحرير الكامل لكافة أراضي الوطن، فهو دعامة
أساسية في استراتيجية تعزيز النصر، وتعزيز قوة الدولة السورية واستقلالية قراراتها السيادية ورفض كل أشكال التدخل في شؤونها الداخلية، وتأكيد على استمرار النهج المقاوم الذي سيسهم في نسف المشاريع التآمرية وتجاوز المخططات التعطيلية والتخريبية.