الملحق الثقافي:ثراء الرومي :
هو يومٌ ليس ككلّ الأيّام. يومٌ نترنّم فيه كسوريّين بصوتٍ واحدٍ تقشعرّ له الأبدان خشوعاً: “بكتب اسمك يا بلادي/ عا شمس الما بتغيب.”
هو حقٌّ متفرّدٌ في التحامه بالواجب. حقٌّ تثبتُ ممارستنا له أنّ سوريّتنا الغالية هي العرينُ والحصنُ المنيع ضدّ الإملاءاتِ الخارجيّة والتّدخّلات السّافرة.
كيف لا ونشيدنا الوطنيّ السّوريّ الّذي يسكن منّا الأنفاس، يتردّد على شفاهنا بكلّ فخرٍ، وبين سطوره تورق مفردات السّيادة والإباء.
إنّه نداءُ الواجب، يدفعنا لأن نختار بإرادتنا الحرّة، قائدنا الّذي سيمضي بسفينة سوريّتنا الغالية إلى برّ الأمان المنشود.. إنّه نداء الشّهداء في عليائهم، وقد بذلوا الأرواح رخيصةً فداء للكرامة والعزّة. أفلا نلبّيه ونحن ندرك تماماً أنّ “روح الأضاحي رقيب عتيد”؟!
سنواتٌ عجافٌ مرّت، وذقنا فيها الويلات، وها هو موسمُ حصادِ صبرنا يبشّر بالتئامِ الجراحات المثخنة، ولو بعدَ حين. موسمٌ يقول لمن سعوا لتجويعنا ليوهنوا عزيمتنا: “خسئتم، فنحن أسطورة الصّمود والتّصدّي”، يداً بيد سنعمل على أن يجري نسغ جديد، في عروق تربة أيّامنا الّتي مسّها الجُدْبُ والضّرر وبقينا صامدين.
هو الشّعب السّوريّ الأبيّ يتنادى من كلّ حدبِ وصوب ليقول كلمته الحقّ، عبر ممارسته لحقّه في اختيار مرشّحه الرّئاسيّ.
أيّ رسالةِ انتصار لسوريّة الحبيبة، أعظم من مشهدِ أبنائها في المغترب، يتهافتون ليُدْلوا بأصواتهم في دولٍ احترمت إرادتهم الوطنيّة، وأتاحت لهم المشاركة في هذا العرس الوطنيّ من بعيد، ومنهم من تهافتوا ليعلنوا استنكارهم في وجهِ دولٍ صادرت أبسط حقوقهم الوطنيّة المشروعة.
أيّة رسالةٍ سياديّة أعظم من تلك الّتي يكتبها أبناء سوريّة الحبيبة بالدّم والدّمع ليقولوا: “نحن هنا، نحن أبناء هذه الأرض العزيزة، نمتشقُ الأمل سلاحاً مهما كانت التّحدّيات.
هل ثمّة عباراتٌ أبلغ من تلك الّتي تناقلتها محطّات التّلفزة لسيّدةٍ مسنّةٍ تكابر على مرضها وتعبها لتصل إلى صناديق الاقتراع، ولسان حالها يقول: “لي الشّرف أن أمارس حقّي هذا” وتجهش بالبكاء مبتهلةً بأبلغَ ما يكون الدّعاء لسوريّتها الّتي تسكنها رغم بعد المسافات: “الله يجعل كلمتها مسموعة، ورايتها مرفوعة العمر كله”.
فلتكن سوريّتنا في العيون، فهي تستحقّ منّا أن نبادلها الوفاء ونخلص لها الولاء.
لن نذرف الدّموع بعد الآن، ستخلع سوريّتنا عباءة الحداد، فليس ثمّة وقت ننظر فيه إلى الوراء، وميادين إعادة الإعمار تنتظر السّواعد الّتي تعمل بكلّ إخلاصٍ وتفانٍ، كي يبقى الوطن منيعاً وعزيزاً.
يداً بيد سوف نبني ما هدمته الحرب الجائرة، ولنرفع الصّوت عالياً ونحن نمارس حقّنا الانتخابيّ، لنقول للعالم أجمع: “أنا سوري آه يا نيّالي”.
التاريخ: الثلاثاء25-5-2021
رقم العدد :1047