الملحق الثقافي:مريم شاهين*
منذُ البدء كانت الكلمة، والكلمة هي الله فينا بكلّ ما أعطانا، وما بارك به حياتنا. أعطانا فكراً وعقلاً وبصيرة، قوّة وصلابة إرادة.. عزيمة وهدفاً.
إن الفكر الذي يسكننا ويعبر عن ذواتنا، هو سبيلنا الوحيد للعملِ بحكمةٍ وتعقّل وتفّهم لكل ما يدور حولنا، لنصل إلى نتائجٍ إيجابية سليمة، تنقلُ حياتنا من ظلمةٍ قد تجتاحها، إلى أرضٍ شاسعةٍ مضيئة.
والإنسان هو الفاعلُ والعاملُ والمبدع، لو استعمل العقلَ ورجاحة الفكر، فكم حريّ بذاك المثقف الواعي، الذي اطّلع على خفايا وأسرار وغرائب الحياة، وغاص في بحورِ العلمِ والمعرفة، وعاش الحياة بحلوها ومرّها.. كم حريّ به أن يتقدّم بدوره، ليبني ويعطي ويساهم، في خلق مجتمعٍ نبيلٍ ومتفانٍ في سعيه لارتقاءِ كلّ من فيه.
حربٌ طاحنة وجائرة، شهدناها تستهدف البشر والشجر والحجر، وبعد أن انتهت بعنفها وجبروتها وشرورها، وما خلّفته من موتٍ وخرابٍ ودمار، يبرز دور المثقف الواعي، الذي زادته الظروف حكمةً ومعرفةً وعزيمةً وعطاءً، وبالتالي مسؤوليّة تجاه وطنه وشعبه.
مسؤوليته، في خلقِ وطنٍ جديد دون تعصّب أو تذمّر أو انحياز، مستعيناً بكلِّ ما قرأ وشاهد وسمع، من إنجازات وإبداعاتٍ، مؤمناً بقدسيّة الهدف، كاسراً رماح التفرقة، مشتِّتاً بذور الكراهية، عاملاً يداً بيدٍ مع كلّ مخلصٍ شريفٍ، عاشق لترابِ الأرضِ وكرامتها .
إن الحرب مرحلة صراعٍ على مرّ العصور، ويجب ألا نقف عندها مكتوفي الأيدي، نائحين على الأطلال، أو قابعين في زاويةِ الخوف والهزيمة، فكلّنا معنيون باستقبالِ مرحلةٍ جديدة، وولادةٍ جديدة، لأن أحلامنا واحدة، ومبادئنا واحدة، وأهدافنا واحدة.
إن ثقافة العمل والأمل هي الفاعلة، والاعتراف بالخطأ ومعالجته وتصحيحه، هم السبيل المستقيم للبناء والعطاء.
بسواعدٍ جبّارة، وكوادر مثقّفة جريئة صادقة، نستطيع اختراق جدار المستحيل، وشقّ الطريق نحو سماءِ المجد، فبالرغم من كلّ التحدّيات والمواجهات، يبقى هدفنا الأسمى وسبيلنا إليه، فكرٌ ويدٌ، بناءٌ وعطاء.
* ملبورن .. إستراليا
التاريخ: الثلاثاء25-5-2021
رقم العدد :1047