من بوابة السوق

قبل نحو عشرين سنة بيعت لوحة للفنان المصري الرائد محمود سعيد بمبلغ مليوني دولار، وكان هذا أكبر مبلغ يدفع ثمناً للوحة فنان عربي، وبما أن قسماً كبيراً من قومه لم يسمعوا باسمه قبل بيع اللوحة، كان لا بد من أن يتطرق الاهتمام الإعلامي بهذا الحدث إلى السيرة الذاتية لهذا الفنان الكبير، رغم أنه اسم مهم للغاية، ويفترض أن يكون شهيراً للغاية، ومنذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا يتكرر الاهتمام الإعلامي (التعريفي)، فالمجتمعي، بفنان تشكيلي إذا بيعت لوحته بسعر مرتفع.

ذلك الاهتمام الذي لا يتخطى حدود الدهشة من الأرقام الكبيرة التي يعلن عنها بين حين وآخر ثمناً للوحة، والذي يتضاعف (الاهتمام) حين يكون صانعها عربياً، هو أحد أسباب العلاقة المرتبكة، بل الضعيفة، بين الفن التشكيلي العربي وجمهوره المفترض، وهو أيضاً أحد نتائجها، فحين يكتسب العمل الفني أهميته من قيمته المادية، لا من قيمته الإبداعية، يكون الفن في مشكلة حقيقية، وخاصة أن القسم الأعظم من أفراد المجتمعات العربية يجهلون كلياً أسماء الفنانين العرب خارج كيانات دولهم، وحتى ضمن دولهم في معظم الأحيان، وكون هذا الحال يشمل الكثير من النخب المثقفة فإنه يعيد إلى الواجهة الحديث عن مشكلة الأمية الفنية في الوطن العربي التي تمتد عمودياً على مستويات عدة بدءاً من جهل عامة الجمهور بالمبدعين التشكيليين في دولهم، إلى جهل المهتمين بالمبدعين التشكيليين في باقي البلاد العربية، وهو جهل قد لا ينجو منه أيضاً كثيرون من العاملين في الوسط التشكيلي، الذين يعرفون بالمقابل أسماء وتجارب وأعمال الكثير من الفنانين الغربيين!!

ما سبق ليس اتهاماً، وإن كان من الصعب نفي التقصير الشخصي، فللمشكلة أسبابها الكثيرة، بعضها الأمية الفنية العامة (وهي بدورها لها أسبابها الكثيرة)، وبعضها الآخر يكمن في التعتيم الإعلامي الغربي على الفن التشكيلي العربي الحديث والمعاصر، بحيث تكاد تخلو معظم المصادر التشكيلية الغربية – التي هي المصدر الأساس للمعارف الفنية – من أي شيء عن هذا الفن، ويشمل ذلك موسوعات فنية عملاقة، ومواقع الكترونية واسعة الانتشار، وفي حين تدرج بعض الموسوعات بشكل يكاد لا يُرى تجارب عدد قليل للغاية من الفنانين العرب المعاصرين، فإن بعضها الآخر يتجاهل كلياً الفن العربي الحديث في كل البلدان العربية، فيما بعضها الثالث يكتفي بالإضاءة الخجولة على تجارب الفنانين الفطريين العرب، لتأكيد مقولة أن الشعوب المتخلفة لا تنتج إلا فناً متخلفاً!!

وسيكون مُحقّاً من يرى أن تَعّرُفَ العرب على نتاجاتهم الثقافية والإبداعية هي مسؤوليتهم هم أولاً، ذلك أنه مع وفرة الحديث النظري عن وحدة وتنوع الثقافة العربية، فإن الواقع العملي يشير إلى اهتمام بالتنوع وحده دون الوحدة، وباستثناء المناسبات الاحتفالية تجد معظم الدول العربية نفسها معنية بمبدعيها دون باقي المبدعين العرب، وبالتالي فإن مؤسساتها المعنية بالثقافة لا تجد نفسها مطالبة بما هو خارج حدود دولها، وفي حين تقتحم الثقافة الغربية مجتمعاتنا بما توفره لها مجتمعاتها من إمكانات، لا يجد المبدعون العرب من يساعدهم في وصول تجاربهم إلى أشقائهم.. على الأقل

ويصبح حلمهم الأكبر أن تهتم بهم جهات غربية، إعلامية أو ثقافية أو غيرها.

إضاءات – سعد القاسم

 

آخر الأخبار
المحامي عبدالله العلي: آلية الانتخابات تحاكي المرحلة وبعض الدوائر تحتاج زيادة في عدد "الناخبين" تطوير صناعة الأسمنت محلياً.. أولوية لإعادة الإعمار استعراض أحدث التقنيات العالمية في صناعة الأسمنت وتعزيز الشراكات الانتخابات التشريعية خطوة راسخة في مسار بناء الدولة الحديثة تعزيز الوعي الديني وتجديد الخطاب الدعوي.. تبادل الخبرات في المجالات الدعوية والتعليم الشرعي مع السعودية مهرجان "ذاكرة القدموس" للتراث اللامادي يختتم فعالياته الانتخابات البرلمانية.. آمال بتغيير النهج التشريعي وترسيخ الشفافية سوريا تشارك باجتماع مجلس إدارة الاتحاد العربي الرياضي بالقاهرة      تطلع أردني لتدريس مهن الطيران في سوريا يفتح آفاقاً جديدة   "سوريات" يسقطن الحواجز ويعملن سائقات "تكسي"  مستقبل سوريا يُنتخب.. والشمال يشهد البداية صيانة طريق أتوستراد اللاذقية- أريحا عودة 70 بالمئة من التغذية الكهربائية لمدينة جبلة وقفة تضامنية لأهالٍ من درعا البلد مع غزة "الصحة العالمية": النظام الصحي في غزة مدمر بالكامل  تعزيز استقرار الكهرباء في درعا لتشغيل محطات ضخ المياه الرئيس الشرع يصدر حزمة مراسيم.. تعيينات جديدة وإلغاء قرارات وإحداث مؤسسات  انتخابات مجلس الشعب محطة فارقة في مستقبل سوريا  مرسوم رئاسي باعتماد جامعة إدلب.. خطوة استراتيجية لتعزيز التعليم العالي