الملحق الثقافي:إنعام أسعد:
يُروى أن الإله «آمو» كان يتجوّل على ضفّةِ
نهرِ بردى أول أيّام الربيع.. لحظة شروق الشَّمس..
هناك صادف وردةً جوريّةً حزينةْ
سألها: أهناك من أمنيةٍ أحقِّقها لكِ؟..
أجابت الوردةُ: أريدُ أن أطير..
قال: فليكنْ! خذي اشربي مـن خمرتي هذه بعدها على الفور،
تحوّلتِ الوردةُ إلى فراشةٍ ملوَّنة
حينها أُعلِنَ في الحقول:
ابتدأ عصر الفراش..
(1)
الفراشةُ وردةٌ طائرة
لكنْ.. من يعزف تلك الموسيقى
حتى تتراقصَ الفراشةُ
في طيرانها؟!
أم تترنّحُ سكرى
من خمرةِ الآلهة؟!
(2)
في الحقولِ
تنتصبُ الأزهارُ
على رؤوسِ أصابعها
علَّها ترى فراشةً
في الأفقِ البعيد.
الفراشةُ الجميلةُ
تحسبُ الأزهارَ صلوات
وحيثُ لا معابدَ مغلقةْ
لا تُخطئُ الفراشةُ قراءةَ العالمِ
ولا تنخدعُ بهِ.
لا تتوقفُ الفراشةُ لجمعِ الأزهارِ
حتى لا تتشبثَ بأيّةِ فكرة.
(3)
ليس للفراشِ مسكنٌ
سوى الحقولِ
لا غذاءَ سوى الرحيقِ
لذا تبدو المعرفةُ وأوهامُها
كضبابٍ صباحيٍّ في يومٍ بارد.
تعشقُ الفراشةُ رحيلَها الدائم
لأنها تكتبُ تاريخَ الحريّةِ
دفعةً واحدة.
(4)
الفراشةُ الرقيقةُ تأذنُ للصباح
أن يُمسكَ أطرافَ ثوبِها
ثم يلوِّحُ لها بمنديلهِ
من بعيد
حين يتلو الضوءُ
مزاميرَهُ الأولى..
لدى الفراشِ دوماً
ما يبرِّرُ الحياة،
ما يبرِّرُ الولادة.
لا تكتبُ ولا تقرأُ أشعارَها
إلّا على مفارقِ السَّعادة
لا تُلقي على الدروبِ
سوى مفاتيحِ الأغاني.
(5)
ليس في قاموسِ الفراشِ
أخطاءٌ غيرُ مقصودة
أو كذبٌ بريء.
كذلك لا سجونٌ
ولا حتى قوانينُ عدالة
لم يَخُضِ الفراشُ حروباً
لا هزائمَ… ولا انتصارات.
ليس لديه حججٌ منطقيةٌ
جوفاء
لا يحتاجُ لعالمٍ آخر
من أجل مكافأةٍ
أو عقاب.
حتى الصدقُ لا يعنيهِ
ولا أن «يكون»
أو «لا يكون».
لذا لا يثيرُ الفراشُ
الشفقة.
(6)
هكذا كان لخمرِ الإله «آمو»
سَكَرٌ مختلف
وللفراشِ عيشٌ مختلف.
من البداية
لم يكن بين الفراشِ
قابيلُ وهابيل.
هو ذا «آمو» العظيم
مبدعُ الفراش.
التاريخ: الثلاثاء8-6-2021
رقم العدد :1049