الملحق الثقافي:محمد خالد الخضر:
مجموعةٌ شعرية هي الانطلاقة الأولى لسلسلةِ إبداع أسير، أطلقها اتّحاد الكتاب العرب بعنوان «على شاكلة الفجر»، للشاعر «كمال أبو حنيش» المعتقل في «سجن رامون الصحراوي» نظراً لمواقفه النضاليّة المقاومة للاحتلال.
في المجموعة عدد من النصوص التي كتبها الشاعر داخل السجن، وقد غلب عليها الدفق العاطفي الوجدانيّ، الذي يرتكز على الدفاع عن الأرض، والرغبة في طرد الاحتلال وتمجيد الشهداء.
تدلُّ الصورة التي يكونها «أبو حنيش» رغم منعه من رؤية الصور والجمال والطبيعة، على خيالٍ واسعٍ، صاحبه موهوب بالفطرة، يحرص على أن يقدم مادته وهي في تكوينها المقاوم، ويدلُّ على ذلك قوله:
نحمل الإصرارَ يا بلاد الشهدِ والعنب
وبكِ الزيتون يقاتل
أشعلتنا الريحُ بالغضب
حوّلتنا لقنابل
في السياق الطبيعيّ لنفسية الشاعر، يُفترض أن يقدم أولاً المعاناة التي تشكّل قهراً لمجتمعه، وتؤدي لهدر الكرامة إن لم يكن حولها حماية، وهو أمرٌ ظهر من قبل ويظهر الآن، عند أصحاب المواهب.
الشاعر في ذات الاتّجاه العاطفي، يخاطب الشهيد «شادي نصار» منفذ عملية أرئيل الاستشهادية، ويسعى أن يكون نصّه العفوي من النوع السهل الممتنع، الذي يقارب كلّ الشرائح الاجتماعية بتدرج ثقافاتها، ولكن عندما نمحّص في البناء الفنيّ، نجد أن هناك جماليات تفور في مفاصل النص، فيقول :
شررٌ تطايرَ من عيونك
قال للتَّاريخِ سجّلْ
أنا حرفُ عزٍّ من حروفك
مخزنُ البارودِ يحمل
يعتمد الشّاعر الأسير في نصوص أخرى، على التلوين الفنيّ في بعض ما أتى به، لتظهر مؤثرات الألم خلال براعته في القول:
يتفتّح صمتي في ظلماتِ الليل
على شاكلةِ الفجر
ما أروع فجر الصّمت
بلا صخبِ الكلمات
بلا همسِ النغمات.
ويبدو أن هاجس الصداقة يصدح في دمه، ففيهِ الشهداء والأصدقاء ورفاق الطريق، ممن حُكمَ عليهم بالبعد القسريّ، الذي توزّع بين الشهادة والسجن وقساوة الاضطهاد، فيقول في قصيدة الشهيد «عماد مبروك» الذي أعدمته قوات العدو في مخيم «عين بيت الماء» في نابلس :
صلبوكَ وانهمر الرصاصُ مزمجراً
وغدوتَ رمزاً للنضالِ بل للعلم
قتلوكَ صلباً في الهواء
ذابوا احتفاءً بالدماء
وتبقى العودة وطرد الاحتلال، أهم مكونات النص الشعريّ عند شعراء المقاومة والنضال، فيقول في قصيدة «بوصلة العودة»:
الحربُ قد تمتدُّ دهراً
تطولُ ولا تميلُ إلى اقتضابي
تحذرّني براك الليلِ هماً
فبدرك واجم الألوان خابي
من الواضح أن الشاعر «أبو حنيش» مؤسّس وقائد كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، في شمال الضفة، والذي اعتقل عدة مرات قبل انتفاضة الأقصى، يمتلك الموهبة القادرة على كتابة كلّ أشكال الشعر، من شطرين وتفعيلة ونثر.
من مؤلفاته الروائية: «خبر عاجل» و»بشائر»، والعديد من الروايات والقصص القصيرة، التي ينهج فيها النهج المقاوم.
له أيضاً، مجموعة أعمال في النقد الأدبي – الفلسفي، وكتاب بعنوان «التجربة التنظيمية والسياسية في السجون»، وهو كتاب مشترك مع الأسير «وائل الجاغوب».
التاريخ: الثلاثاء8-6-2021
رقم العدد :1049