الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:
أمام الحب، لا يمكن للإنسان أن يتحكّم بأحاسيسه ومشاعره، بل ويستحيل أن يسيطر عليها بطريقةٍ يتمكّن فيها من قمعها أو تأجيجها، فهي إما مكبوتة لأنه يخشى التعبير عمّا يعتمل في دواخله، وإما جَموحه في اتّقادها الذي يغلبهُ ولا يدري سببه.. لا يدري، ولكنه يدري، عندما يكون متجذّراً في قلبِ المعشوق، الذي هو الوطن السوريّ.
نعم، الوطن السوريّ.. ولا يختلف في معرفة ذلك، كلّ من نبضَ به، وتماهى في معانيه، حتى وإن عانى من لحظاتِ فراقٍ أو اختناق، سببها التوقُ لعناقٍ يمتدُّ على مدى حياته، وذكرياته المعتّقة في كلّ ما فيه.
إنه التوق الذي شهدناه ونحن نرى حشود شعبنا السوريّ، قادمة من كلّ أنحاء الهوى، احتفاءً بانتصارِ وطنٍ، تجسّدت بلاغة حبّها وإخلاصها له، بحبّها وولائها ووفائها لقائده.. القائدُ الذي رافقها على مدى سنوات الحرب وأوجاعها، يصدُّ البشاعة عنها ويضمّد جراحها، ساعياً إلى إيقاف ما أرهقها وفاقمَ النزيف، الذي هدرهُ أعداءُ الحقِّ وأبناء الخيانة والحاقدين على صمودها الشريف.
فعل هذا وسواه الكثير الكثير، مما أراد به التخفيف من لُئمِ الحصار الذي فرضه عليها من أغاظهُ هذا الحب.. صبرتْ مع صبرِ قائدها، فكان وعده وكان موعدها، يوم النَّصر الذي أسمعت فيه العالم بأجمعه، أصواتها التي كانت صوتاً واحداً.. حنجرته القلب..
انتصرت سوريّتنا، انتصرَ قائدنا، انتصرَ شعبنا.. نعم انتصروا، والنَعمُ لها أصداءٌ ارتعشتْ من أناشيدها حتى السّماء. ألا ترتعش قلوبنا؟..
حتماً ارتعشت وجعلتنا على مدّ الوطن، وعلى مرأى القدر، نتصاعد أكثر وأكثر في تطلعاتنا وسموّنا وعليائنا.. نتعانق حبّاً، يتسارعُ فينا فتتسارع وإيّاه الكلمات: سنحتفي ونعلنُ بالصوتِ الوفي، غيّرنا وجه التاريخ وركّعنا الزمن، بقائدٍ وشعبٍ ومعجزاتٍ..
mayhoubh@gmail.com
التاريخ: الثلاثاء8-6-2021
رقم العدد :1049