الثورة أون لاين – أدمون الشدايدة:
من المؤكد بأن استراتيجية الاحتلال و”الضم” التي ينتهجها الفكر الاستعماري لكل من أميركا والكيان الإسرائيلي ليست سوى محاولة للاستيلاء على الأراضي العربية، وبالتالي إلغاء حقوق العرب في أراضيهم وحقوقهم المشروعة، واعتبارها “إسرائيلية” تماماً كما يحصل بالنسبة للقدس ومدن فلسطينية كثيرة يحتلها الكيان الإسرائيلي بدعم أميركي، وما يشهده الجولان العربي السوري من محاولات مماثلة.
فأميركا التي صنعت الإرهاب بكافة ألوانه، وصدَّرته لسورية وللعالم تعمد جاهدة لدعم الإرهاب الإسرائيلي بكل السبل والطرق وفي كل الأزمنة والأماكن حتى يومنا الراهن، والنظام الأميركي كان ولا يزال يلهث وراء تقديم مزيدٍ من الهدايا لحليفه الإسرائيلي.
منذ احتلال الجولان العربي السوري من قبل الكيان الإسرائيلي تسعى الولايات المتحدة الأميركية ومعها الكيان الغاصب إلى سلخ الجولان العربي السوري عن وطنه الأم سورية، وبالتالي إنشاء وقائع مزيفة تقوم على أحقية الكيان الغاصب بالجولان، واعتباره ضمن الخريطة الوهمية لذلك الكيان الغاصب.
تلك الأوهام لطالما راهنت عليها واشنطن من خلال سلسلة تصريحات وإجراءات كانت قد اتخذتها منذ سنوات طويلة، لاسيما أثناء ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب كرمى لعيون الكيان الإسرائيلي الغاصب، ولصالح تثبيت قدميه على أراضي الجولان السوري المحتل كما هو الحال في فلسطين المحتلة، وما تصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بخصوص الجولان المحتل إلا خطوة جديدة وحلقة من حلقات الدعم الأميركي اللا محدود للإرهاب الإسرائيلي.
وهذه التصريحات وتلك الإجراءات لم تكن وحيدة فسلسلة من المحاولات المشابهة واصلت أميركا القيام بها في هذا الإطار، حيث سبق وأن قام وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو بزيارة للجولان العربي السوري المحتل تعبيراً عن دعم أميركا اللامتناهي للكيان الغاصب، وتعبيراً عن وقوفها مع أهداف ذلك العدو الاحتلالية حتى الرمق الأخير.
وما قام به الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب من تصرف أرعن عندما جاء باعترافه الهزلي والمزعوم بتبعية الجولان السوري للكيان الإسرائيلي يأتي أيضاً في سياق قانون القوة وانصياع إدارته لإملاءات اليمين المتطرف في “إسرائيل” والولايات المتحدة، واليوم يأتي دعم الرئيس الأميركي جو بايدن ليؤكد بأن السياسة الأميركية واحدة في الدعم المقدم للاحتلال واغتصاب الحقوق مهما تغيرت الوجوه الرئاسية.
إذاً هذه الخطوات والإجراءات العدائية لا معنى لها من الناحية القانونية لأنها تخالف كل القوانين الدولية ذات الصلة، فالقضية سياسية بحته، والولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي يستشعران الخسارة في المنطقة نتيجة ما يحققه محور المقاومة في المنطقة وعلى رأسه سورية من انتصارات متتالية على الإرهاب الصهيوني في الدرجة الأولى.
ولمن لم يقرأ التاريخ جيداً نذكر، بأن أكثر من تسعة وثلاثين عاماً وأهلنا في الجولان السوري المحتل قدموا التضحيات الجسام في سبيل رفضهم لقرار الضم الباطل واللاغي قانونياً الذي أصدره الاحتلال في 14 كانون الأول عام 1981، وتصدوا لمحاولات الاحتلال فرضه بقوة الحديد والنار، وبوسائل الترهيب والتنكيل والبطش والاعتقالات التعسفية.. لذلك يمكن القول بأن هكذا تصريحات لن تقدم في الأمر شيئاً، فالجولان كان وسيبقى عربياً سورياً، وسيعود لحضن الوطن طال الزمن أم قصر.