كغيرها من المشكلات التي يواجهها الناس بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب العدوانية الظالمة لقوى الاستعمار والرجعية على بلدنا الذي غيّر كثيراً في حياة المواطنين وأعادت ترتيب أولوياتهم، تبدو مشكلة السكن من أهم المشكلات وأكثرها أثراً وتأثيراً في الحياة وخاصة بالنسبة لجيل الشباب الذي يأمل بامتلاك منزل يعيش فيه طوال حياته بعيداً عن مصاعب الانتقال والتنقل والآجار، وما يتركه من عدم استقرار وحالة اجتماعية ضاغطة.
مشكلة السكن تضاف إلى سواها من الغلاء وارتفاع الأسعار، حيث شهد قطاع البناء والسكن بجميع مكوناته ارتفاعاً حاداً بل وجنونياً في الأسعار، بدءاً من أصغر مادة أولية تدخل فيه مروراً بالإسمنت والحديد الذي زادت أسعاره عشرات الأضعاف وأكثر وليس انتهاءً بالإكساء وتأمين (الفرش)، وهذه الحالة في هذا القطاع الحيوي وصلت درجة متقدمة جداً فاقت وتجاوزت إمكانية المواطن.
إن دخول الدولة بكل قواها وفاعليتها إلى قطاع السكن أو الإسكان أولوية إلى جانب مشاركة القطاعات الأخرى، إذ لا بد من التوجه إلى بناء تجمعات سكنية كبيرة وعلى امتداد المحافظات والمدن وإصدار القوانين والتشريعات التي تسمح للقطاع الخاص بالمشاركة الواسعة والفاعلة تحت رعاية الدولة وإشرافها، أيضاً الضرورة تقتضي مشاركة الوحدات الإدارية كل من موقعه في هذا المشروع الوطني الضخم إلى جانب القطاع المشترك ومن دون ذلك لا يمكننا أن نمنع أو نعالج تداعيات عدم القدرة على الحصول على سكن.
هذه التداعيات التي تلقي بآثارها على مجمل عناصر الحياة، وبالتالي لا بديل عن تدخل الدولة لمعالجة مثل هذا الملف، وهي قبل الحرب كانت توليه الرعاية والاهتمام ومن ضمن الأولويات الأساسية، فكيف بعدها، ولا سيما أننا قادمون على مرحلة إعادة إعمار جديدة.
السكن والإسكان قضية اجتماعية واقتصادية ونهضة عمرانية ننتظر أن تأخذ طريقها إلى المعالجة، أو على الأقل الحد والتخفيف من نتائجها، ورغم الظروف القاسية جداً التي مرت على البلاد إلا أنها قد تكون فرصة سانحة لتحسين واقع هذا القطاع والاستثمار فيه.
حديث الناس- هزاع عساف