من اللافت أن نعيد إحياء أوابدنا بين الحين والآخر عبر أنشطة فنية أو ثقافية أو تسليط الضوء عليها من خلال إضاءات على الشاشة الفضية مدعمة بصور كما تفعل بعض محطاتنا المحلية، التي تقدم وبإيجاز سيرة واحدة منها، لنقف عند مراحل تاريخية وشخصيات استطاعت أن تترك بصمة خالدة حملتها الكثير من المواقف والبطولات من عصور ذهبية كانت لنا فيها صولات وجولات.
وفي الأيام القريبة شهدت بعض هذه المواقع حضوراً آسراً، فقد أضيئت مسارحها ومدرجاتها بالفرح والغناء احتفاء بفوز السيد الرئيس بشار الأسد، وازدحمت قلعة دمشق وقلعة حلب ونواعير حماة بالحضور في تعطش للفرح أولاً، والحنين إلى تاريخ حضاري زاخر بالانتصارات يحيي الأمل في النفوس ثانياً، وفي جانب آخر تجعلنا نتمثل برنامج السيد الرئيس الأمل بالعمل، مايدفعنا للسعي من جديد لإعادة البناء في تحد كبير لكل من حاول أن يدمر الحجر، ويعيث الفساد والخراب طمعاً في خيرات البلاد ومقدراتها.
وحري بنا أن نعيد لهذه المواقع نبض الحياة، فتحت كل حجر حكاية، وبين جدرانها نسجت قصص البطولة والانتصارات، وعلى أطلالها وقف الشعراء يقتفون آثار محبوباتهم، ولا يزال صدى آهاتهم يتردد عبر قصائدهم المحملة بعبق الماضي بكل مايحمله من عشق لهذه الأرض وذاكرة خالدة عصية على الفناء.
وعندما ندرك أن العدو يستهدف ذاكرتنا وثقافتنا وهويتنا، فلا بد أن نعمل من أجل تحصين الأطفال والشباب وربطهم بحاضرهم وماضيهم، وتكريس الانتماء وتأصيله في سلوكاتهم وثقافتهم، في ظل هذه الهيمنة الإلكترونية والفضاءات المفتوحة على العولمة، وليس السبيل إلى ذلك بعسير، فالأنشطة الهادفة والرحلات الداخلية واستثمار الأندية والمؤسسات الثقافية، لاشك تعيد بناء ما تهدم في نفوس أبنائنا.
ومن الأهمية بمكان إعادة ربط الجيل بماضيه واعتزازه بأجداده وذاكرته الخالدة، والأوابد خير شاهد على العصور، تختزن التاريخ وتحكي مجداً عريقاً لا يأفل.
إنها مسؤولية تقع على عاتق مؤسساتنا الثقافية والمدارس والجامعات وليس المجتمع المدني في حل من هذه المهمة، لنبني جيلاً متماسكاً قادراً على متابعة البناء بالأمل والعمل.
رؤية- فاتن أحمد دعبول