طالب المجلس العلمي للصناعات الدوائية بضرورة التدخل السريع من وزارة الصحة لزيادة أسعار العديد من الزمر الدوائية، والحجة هي الصعوبات التي تواجه المعامل وارتفاع أسعار المواد الأولية وسعر الصرف، إلا أنّ المجلس تناسى أن أسعار الأدوية ارتفعت خلال العامين الماضين عشرات أضعاف ما كانت عليه في السابق، والدليل بأن ظرف السيتامول الذي كان يباع في السابق بـ 25 ليرة وصل اليوم إلى 900 ليرة، والتسعيرة تختلف من صيدلية لأخرى وقس على ذلك الكثير منها، ناهيك عن احتكار بعض المعامل والصيدليات لبعض الأصناف بهدف بيعها بأسعار عالية، الأمر الذي أدى لفقدان بعضاً منها وحوّل صناعة الأدوية إلى تجارة بدلاً من أن تكون مهنة إنسانية وأخلاقية، إضافة إلى أن هناك الكثير من الأدوية تحمل تاريخ إنتاج يعود إلى أعوام سابقة وتكاد تفقد صلاحيتها بعد مدة قصيرة فيما لو بقيت مخزنة.
الجميع يدرك حجم التحديات التي تواجهها الصناعة الدوائية وما تسببت به الحرب العدوانية وتبعاتها وما تركته العقوبات الاقتصادية المفروضة على قطاع إنتاج الدواء من آثار سلبية كبيرة على الواقع الاقتصادي والإنتاجي لهذا القطاع الذي كان كغيره من باقي القطاعات أحد ضحايا الحرب العدوانية على سورية، والصعوبة في توفير المواد الأولية اللازمة لعملية الإنتاج بسبب صعوبات في النقل والشحن وتحويل التمويل اللازم لتغطية عملية الاستيراد، ولكن ذلك لا يعني أن نقوم بزيادة أسعار الدواء على حساب المواطن الذي لم يعد بمقدوره تحمل كلّ هذا الكمّ الكبير من الأعباء والضغوطات نتيحة الارتفاع اليومي الذي طال أغلب السلع والمستلزمات الأساسية اليومية، كما أن أسعار الأدوية لا تزال مرهقة للمستهلك الذي يعاني من انخفاض شديد في مستوى الدخل مقارنة مع معدلات التضخم بالأسعار.
الصناعة الدوائية لها أهمية استثنائية نتيجة الخدمات الكبيرة التي تقدمها للمواطنين وتحقيق الأمن الدوائي وصناعتها مربحة لأن الطلب على منتجاتها متجدد ومستمر، لذلك فإن المطالبة برفع أسعار الدواء في هذه الظروف هو مطلب في غير محله وكان من الأولى البحث عن طريقة أخرى لتأمين المواد الأولية عن طريق الدول الصديقة مثل روسيا وإيران وغيرها، والسعي لرفع حزمة العقوبات التي تعيق استعادة القطاع الدوائي لنشاطه الإنتاجي وخفض تكاليفه في ضوء الضغوط المتزايدة على الدخل الشهري للفرد، حيث بات تأمين الأدوية أولوية تتقدم على تأمين الغذاء لدى الكثير من الأسر، ولا يجوز أن تكون مؤجلة لأنها تعرض حياة الناس للخطر.
أروقة محلية -بسام زيود