صحيح أن مشروع الإصلاح الإداري يشكل اللبنة الأساسية في عملية النهوض الشامل في الأداء الإداري والعمل المؤسساتي للوزارات والهيئات والمؤسسات العامة في المرحلة القادمة ومكافحة الخلل الإداري بكل جوانبه، لكن أهم ما يميز هذا المشروع “علامته الفارقة” هو الخطة الوطنية التي تم رسمها بأياد وخبرات محلية خالصة تتناسب مع المقاس السوري والوضع السوري والإمكانيات السورية المتوفرة، والدعم الكبير واللامحدود من القيادة السورية.
من هنا .. من هذه الأرضية الصلبة كانت البداية .. ومن هنا أيضاً جاءت الخطوات التنفيذية الحقيقية “العلمية ـ العملية” لتشخيص الإشكاليات المشتركة بين كل وزارات الدولة على مستوى البنية التنظيمية والموارد البشرية العاملة فيها، ووضع الحلول الناجعة ـ الديناميكية ـ لتذليها “بشكل جماعي وسقف مفتوح”، وصولاً إلى النقطة الأهم ألا وهي إقرار الهياكل التنظيمية لها واعتماد خارطة طريق للموارد البشرية والشواغر الوظيفية في سورية، التي ستكون بمثابة بوابة العبور الرئيسية باتجاه التأسيس القوي لحقبة جديدة أكثر مرونة .. ومرحلة جديدة أكثر كفاءة وتنافسية وإنتاجية .. واستراتيجية عمل وطنية جديدة عمادها الارتقاء بمستوى الإدارات إلى المصاف الذي يمكن معه إطلاق العنان لهذا المشروع السوري ـ السوري، وتمكين هذه الصناعة الوطنية من نيل علامة التفوق كاملة، والتكاتف لكي يكتب “وبشكل جماعي” لهذه التجربة النجاح حالياً والبناء عليها مستقبلاً، وهذا بكل تأكيد يحتاج إلى أقصى درجات الحرص والاستجابة والتفاعل للوصول إلى المسارات الصحيحة والقويمة للتنظيم والتأهيل المؤسساتي وتبسيط الإجراءات وتطبيق أنظمة موارد المؤسسات ومكافحة الفساد الإداري والاستجابة للشكوى وقياس مدى رضا المواطن عن الخدمة ورضا الموظف عن الأداء.
عندها .. يمكن الحديث عن ترشيق الجهاز الحكومي، والمحافظة على خصوصية كل وزارة، ولحظ كل ما هو مطلوب منها، وحجم الأعمال المنوط بها، والصلاحيات الممنوحة لها.. وعندها كذلك يمكننا القول إننا انتقلنا إلى ما بعد مؤتمر الإصلاح الإداري الذي انطلقت أعماله اليوم في قصر المؤتمرات بدمشق تحت شعار “إدارة فعالة نحو مؤسسات ديناميكية” .. إلى ما بعد الخطوات التنفيذية .. إلى الخيار الاستراتيجي .. التنمية المستدامة والشاملة.\
الكنز- عامر ياغي