لايزال البعض يعدها ضرباً من الرفاهية أو نوعاً من الترف، رغم أنها واحدة من الثقافات التي نفخر أننا أول من أوجد نوتتها الأولى، وأول من اكتشف دورها في علاج بعض الأمراض، وأول من استخدمها في بلاطات الملوك والأمراء، فكانت رفيقة لحظاتهم السعيدة، واخترعوا لها الطقوس وامتدت شهرة الكثير من الموسيقيين على مساحات الكون جميعه.
واليوم إذ يحتفل العالم بيوم الموسيقا العالمي، لابد أن نتوقف عند أهمية الموسيقا ودورها في تنمية المجتمع وخلق ذاك التوازن في العلاقات الاجتماعية بين شرائح المجتمع كافة، فقد أكد الباحثون على دور الموسيقا في حياة الشعوب، كونها على حد قول أفلاطون” تعطي الكون روحاً، والعقل أجنحة وجموحاً للخيال، وهي قبل كل شيء حياة لكل شيء”.
ولكن المحزن أننا مازلنا نعدها حصة هامشية في مناهجنا الدراسية، فلا نعيرها اهتماماً، وربما نعدها متطفلة على المناهج أو تشكل عبئاً على المدرسين، رغم ماتثبته الكثير من الإحصاءات أن استثمار الموسيقا في العملية التدريسية يساهم بشكل لافت في تطوير إنتاجية الطلاب وتفوقهم.
وفي هذه العجالة لابد أن نلفت إلى أهمية توثيق إرثنا الموسيقي وحفظه من الضياع، وخصوصاً في ظل هيمنة العولمة واختراقها لثقافاتنا ومحاولة تكريس ثقافات دخيلة لاتشبهنا، مع اعترافنا بضرورة الانفتاح على الثقافات الأخرى، ولكن دون أن نتوه في غياهب العولمة المظلمة.
ولا نبالغ عندما نعطي هذه الأهمية للموسيقا رغم انصراف الناس عنها إلى أولوياتهم الحياتية، لكننا عندما ندرك أن لحظات من الاستماع إلى الموسيقا تعيد إلى أرواحنا المتعبة شيئاً من سكونها، وتبث في نفوسنا أملاً يتجدد، فلابد عندها أن ندرك معنى أن تكون الحياة بنكهة الفرح والأمل بأن القادم هو الأجمل.
ولأن الموسيقا هي لغة الشعوب وإرثها الحضاري الأرقى، حري بنا أن نضعها في مكانتها التي تليق بها، وتكريسها وسيلة لبناء مجتمع متماسك ومحصن فكرياً وثقافياً وقيمياً قبل كل شيء.
رؤية- فاتن أحمد دعبول