موجبات الإصلاح .. وإرادة صنعه

افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – علي نصر الله:

في 20 حزيران 2017 أطلقَ السيد الرئيس بشار الأسد المشروع الوطني للإصلاح الإداري من مَجلس الوزراء في جلسة استثنائية بكل ما حَملته، وانطوَت عليه، من مُحتوى ومَضامين وتَوجهات وعَناوين وأهداف وطنية تَعني للجميع الكثير .. مُؤسسات وإدارات ومُواطنين، على أنّ الغاية الفُضلى كانت وما تَزال ليس مُحاولة النهوض، بل التصميم على إنجاز خطوات المشروع النَّهضوية، التي إذا كانت تَضع تَحسين الأداء وزيادة الإنتاج هدفاً، فإنّها تَنظر باهتمام لتَطوير الهيكليات والقوانين والأنظمة الإدارية، ولا تَتَجاهل أمر المُتابعة اعتماداً على مَعايير وُضعت وتُوضع بهذه الأثناء، ذلك لتَكون الآليات التي تُتيح القياس واضحة مُحددة لا تَقبل الشك ولا الخطأ، تُصوب الاتجاه وتُصحح الخلل، تَسمح بمُراقبة العمل ومَساراته، وتكون محكاً حقيقياً يُحتكم إليه.

أربع سنوات مرّت على إطلاق المشروع الوطني كحامل أساسي لبرامج طموحة من شأن العمل على إنجاحها أن يُحقق نهضة حقيقية وقفزة نَوعية نَحتاجها، يَبحث المُؤتمر المُنعقد حالياً الخطوات الناجزة، البرامج، البيانات، الأرقام والرؤى، ليَجري تَعميق الحالة باعتماد ما يَلزم من اتخاذ إجراءات عملية تطبيقية نَتلمس أثرها لاحقاً في كل الاتجاهات.

السيد رئيس مجلس الوزراء ذكّرَ في كلمته الافتتاحية للمؤتمر بأنّ المشروع في ذاته ومُوجبات إعداده وتَنفيذه، استندَ إلى دعامتين أساسيتين إحداهما تُركز على واجب القيام بمُراجعة البنية والهيكلية الإدارية والتنظيمية للمؤسسات وتَعديلها بما يَنسجم مع مَهامها ودورها، بينما تُركز الثانية على وجوب القيام بإعادة فرز وتَوزيع الموارد البشرية بمعايير مُحكمة تَنظر للمُؤهلات والاختصاصات، وتَلتزم بالتّوصيف الوظيفي، وهو ما يُتيح أفضل استثمار للقوى العاملة، ويُسهم بوضع خارطة وطنية لها، تُبيِّن النقص والفائض فيها فضلاً عن أنها الخارطة التي ستكون بهذه الحالة المَرجعية في تحديد مُعدلات البطالة والبطالة المُقنعة، ليَجري التعامل مع مُؤشرات النقص، الفائض، والبطالة، بخطط وطنية خالصة، تُبدل الحالة وتُغير المشهد للأحسن والأفضل.

لا شك أنّ الوصول إلى هذا المُستوى في الرؤية والتطبيق سيَطوي صفحة التّرهل الإداري، بل سيَضمن الانتقال من حالة الضعف والتشتت إلى القوّة والكفاءة، فمما لا يَخفى أنه في حالتنا الراهنة نُواجه الكثير من تَقاطع المهمة والدور وتَداخل الصلاحيات وتَناقضها أحياناً في مُؤسسات وجهات عامة يَتراجع أداؤها لهذه الأسباب ولأسباب أخرى تُعلق عليها الإدارات أسباب الإخفاق حيناً والفشل أحياناً.

عندما نُوفق في الذهاب لإعداد البنية الإدارية المُنظمة المَبنية على الأُسس والمَعايير التي لا تُهمل تفصيلاً تَعلقَ بالمهمة والاختصاص أم بالدور والأداء والإنتاجية، لا شك سيُقال وداعاً لحالة تَصعب معها عملية فتح السجلات للمُساءلة أو للمُحاسبة، بل سيكون أمراً يَسيراً كل ما يَتصل برصد النتائج والوقوف على المُشكلات والصعوبات، ناهيك عن ضبط أسباب التّعثر، وسيكون مُمكناً التقييم والتتبع وتَحديد المسؤوليات بسهولة في الاتجاهين: لناحية الذين نجحوا بتَثمير الجهود وصولاً لقطاف ثَرٍّ هنا وهناك، ولجهة أولئك الذين استغرقوا بتَضييع الفُرص وهَدر الإمكانيات والجهود.

المُؤتمر المُنعقد حالياً هو مُناسبة للإعلان عن المراحل التي قطعها المشروع الإصلاحي، لكنه في الوقت ذاته يُوفر فرصة للوقوف على الخطوات التي تم إنجازها وللتعرف على الأهداف التي يُحاكيها كُلياً وجُزئياً، كلياً بمعنى الشمولية والتكامل بين مراحله المُترابطة المُتشابكة، وجزئياً بمعنى مراحله المُنفردة وأهداف كل منهما التي تقبل المُعايرة والقياس.

البرنامجُ الزمني للمشروع الإصلاحي سواء استهلكَ 50% مما هو مُخطط له، أكثر أو أقل، إلا أنّه لطالما انطلق من حاجتنا له بهدف التّغلب على المُشكلات القائمة، بالعمل على تَشخيصها بدقة ومُحاولة القبض على حَيثياتها بغرض مُعالجتها والحيلولة دون ظهورها مرة أخرى، فلا بُد أن يُبصر النور، ويَنتقل باقتدار إلى المراحل التطبيقية التي مَعها نُودع تَدريجياً المُشكلات التي يُنتجها الروتين، والمعوقات التي تَفتعلها الأمزجة الشخصية أحياناً، والهَدر الذي يَتفنن به البعض أحياناً أخرى، فلا نُودع هذا وذاك فقط، بل نكون في مَكان آخر، يَسمح باستثمار الكفاءات والمهارات، ويُتيح استقطاب الكوادر الجيدة من الخريجين، ما يَعني أنّ حالة التراجع، أو حالة المُراوحة في المكان، قد أصبحتا جزءاً من الماضي الذي لا عَودة له.

نَعتقد أنّ مَنظومة القوانين والتشريعات التي نَمتلكها إن لم تكن جيدة، فهي ليست سيئة، وبالتالي فإن مُراجعتها وتَطويرها أمر مُتاح، وربما واجب لأسباب كثيرة، ليس آخرها خدمة المشروع الإصلاحي وضمان نَجاحه، فهناك بعض القوانين عَملياً لا تُغلق الباب على احتمالات التفسير المُتعدد أو الفهم غير الصحيح، وبعضها لا يُغلق احتمالات الاختراق، وربما تَحتاج تعديلات طفيفة، بالتأكيد لا يَغيب ذلك عن المُشتغلين بالمشروع، ويُنتظر جَعلها مُحكمة الصياغة التي لا تقبل ازدواجية الفهم والتأويل.

بالإرادة الصّلبة التي صَنعنا بها انتصاراتنا في مُواجهة العدوان والحصار والعقوبات، سنَصنع النجاح للمشروع الطّموح الذي سيَنقلنا إلى الأفضل بلغة الأرقام والمُؤشرات، فنرسم معه خطاً بيانياً صاعداً في النهوض والنماء في كل الاتجاهات وعلى جميع المُستويات.. الأمل بالعمل، ويَقيناً أننا سننجح بتسجيل خطوات تُحقق الأمل، بالعمل الوطني المُخلص.

آخر الأخبار
خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر  متبرع يقدم جهازي "حاقن آلي" وتنفس اصطناعي لمستشفى الصنمين بدرعا  حملة شاملة لترحيل القمامة من مكب "عين العصافير"  بحلب بين دعم واشنطن وامتناع بكين.. الرحلة الاستراتيجية لسوريا بعد القرار "2799" ما بعد القرار "2799".. كيف قلب "مجلس الأمن" صفحة علاقة العالم مع سوريا؟  خبير اقتصادي ينبه من تداعيات التّحول إلى "الريعية"  قرار مجلس الأمن وفتح أبواب "البيت الأبيض".. تحول استراتيجي في الدبلوماسية السورية  كيف حول الرئيس الشرع رؤية واشنطن من فرض العقوبات إلى المطالبة برفعها؟ ٥ آلاف ميغا واط كهرباء تعزز الإنتاج وتحفز النمو  المعرض الدولي لقطع غيار السيارات.. رسالة نحو المنافسة باستخدام أحدث التقنيات   "صحة وضحكة" .. مبادرة توعوية لتعزيز النظافة الشخصية عند الأطفال من رماد الصراع إلى أفق المناخ.. فلسفة العودة السورية للمحافل الدولية  إنجاز دبلوماسي جديد لسوريا في مجلس الأمن  الرئيس الشرع  في قمة (COP30)  :  إرادة الشعوب قادرة على تجاوز كل التحديات مهما عظمت   "  الخارجية " لـ"الثورة".. مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة لرفع العقوبات  "روح الشام" دعم المشاريع الصغيرة وربطها بالأعمال الخيرية