الملحق الثقافي: هفاف ميهوب :
الكرامةُ، كلمةٌ تُشعر كلّ من يتسلّح بها، بيقظةِ ضميرٍ تجعلهُ يمضي مرفوعاً، لا يبالي ولا يخشى، أقزام الحياة الساقطينَ عماءً، يُجرُ ضلالاً وغدراً ونفاقاً، بأمرِ ضباعِ الحقد والغدر والشرّ الذي يسعى… لتجريده من هذا السلاح، وتركه يتخبّط عجزاً عن تخطّي ما يُهدّده، بالتشظّي والتيه وفقدان الانتماء، للوطن الذي هو سرّ كينونته، والبقاء الذي يتجدّد فيه ويجدّده.
إنها كرامة الوطن، وهل يختلف شريفٌ في انتمائه إليه، وفي تنفّسه لهوائه الذي ينعشُه ويُحييه.. هل يختلف، في يقينه بأنه أبجديّته، والمعنى الذي يكتبهُ بمفرداتِ الأرض التي تنبض فيه بكبرياءٍ، تتعنون به لغته؟!.
نعم لغته – لغة الأرض التي هي ولمن لا يُجيدَ النطقَ بها، السموّ الذي يجعلنا نرنو إلى الكونِ بشموخٍ لا يمكن أن تنحني بعده رؤوسنا.. نلتفُّ على حضارتنا بحقيقتنا، وبأخلاقٍ أوّلها وثانيها وليس آخرها، مرفوعٌ بالضمّة التي نعانق بها سوريّتنا.
مدادها دمٌ لا أغلى ولا أنبل ولا أشرف، من تضحياتِ من هدره، فكان نبيّ الزمن العارفِ والأعرف.. بما جعله يتصاعد من أعماقها إلى عليائها، ليتحوّل وكلّما زغردت الأمومة ارتقاءً، إلى نصرٍ تتهاطل آياته مجداً يسبّح باسمِ شهدائها..
يرتّل أسماءهم خشوعاً وبعنفوان، يشيّعهم قديساً قديساً إلى سماءِ وطنٍ، سبحان من أضاءَه وعطّر آفاقه، وأحال كلّ حبّة تراب من ترابه، إلى مواسم أقحوان.. تزهرُ بدمائهم فيفوح عطر كرامتها، وتخضرّ وعداً بالمزيد من مواسمِ الحبِّ، فتُغرق الحياة بالنبيل والأصيل من عطاءاتها.
تشير اشمئزازاً واحتقاراً للذليل الغارق في تبعيّته، فيُشهر عار انتمائه، متفاخراً وقانعاً، بأن يبقى مجروراً بدونيّته.
هل نظر هذا الذليل إلى قباحة ذاته، وإلى دمامل وجوهه التي لا يمكنه أن يُخفي بشاعتها، مهما سعى لتجميلها بتبديل مرآته؟..
فليتأمّل فيها جيّداً سيجدها تلعنه، ومن ثمَّ تصفعه فيتهشّم وتتناثر كرامته..
mayhoubh@gmail.com
التاريخ: الثلاثاء22-6-2021
رقم العدد :1051