تمعن الولايات المتحدة في تضليل العالم وشعبها عندما تدعي أن وجودها غير الشرعي في سورية هدفه محاربة تنظيم داعش الإرهابي بينما تقوم على أرض الواقع بتجميع فلول هذا التنظيم في سورية والعراق ودعمها وإعادة تسليحها.
فقبيل انعقاد مجلس الأمن الدولي الشهر الجاري حول الوضع الإنساني في سورية أعلن القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، جووي هود أن بلاده تنوي الحفاظ على وجود عسكري محدود شمال شرق سورية لقتال داعش في خطوة استفزازية تحول دون إنهاء حالة عدم الاستقرار التي تسود منطقة الجزيرة والصحراء السورية حيث يتلقى داعش كل الدعم من القوات الأميركية على جانبي الحدود السورية العراقية. ولم تكتف إدارة بايدن بذلك بل حصرت أي تعاون مع روسيا الاتحادية في المجال الإنساني الأمر الذي يعد إملاء على موسكو وترفضه دمشق بالصورة التي تطرحها واشنطن أي إدخال المساعدات من المعابر غير الشرعية٠.
لم تترك إدارة بايدن بهذا الإعلان أي فرصة للحوار مع موسكو أو الحكومة السورية وبات الحليفان أمام خيارين الأول المواجهة العسكرية مع الاحتلال الأميركي والمليشيات التابعة له والثاني يتمثل باتباع السبل السياسية وطرح الحلول البديلة.
من المعلوم أن الاحتلال الأميركي في العراق وسورية يستخدم حجة محاربة داعش لتحقيق أغراض استراتيجية أخرى لها صلة بالمشروع الأميركي _ الصهيوني العدواني المعروف بالشرق الأوسط الكبير والذي يمنح السيطرة المطلقة لإسرائيل على حساب المصالح العربية. وكذلك من ضمن أهداف هذا الاحتلال منع تعزيز العلاقات السورية العراقية وقطع التواصل البري بين سورية والعراق وإيران ودول الخليج العربي ومن هذا المنطلق أقيمت جميع القواعد الأميركية في العراق وغير الشرعية في سورية بالقرب من الحدود العراقية السورية وكذلك الأمر بالنسبة لقاعدة التنف غير الشرعية حيث كان الهدف من إقامتها منذ البداية قطع الطريق الدولي بين العراق وسورية وتوفير الدعم اللوجستي والعسكري لتنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى.
إن التعاون السوري _العراقي في ملاحقة فلول داعش الإرهابية وقيام الحكومة العراقية بتنفيذ قرار البرلمان العراقي وإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق إضافة الى تحويل القوات الأميركية المحتلة الى هدف يومي لعمليات المقاومة الشعبية كلها عوامل من شأنها دفع الولايات المتحدة الى إعادة النظر بمجمل تواجدها العسكري ومواقفها السياسية في هذه المنطقة. من الواضح أن إعلان واشنطن نيتها إبقاء قوات محدودة في سورية لا يعني البقاء الطويل وربطها ذلك بمحاربة داعش يعني أنها في أي لحظة يمكنها القول إن التنظيم الذي أنشأته ومولته وسلحته بات في خبر كان وكل ذلك مرتبط بالعروض السياسية من قبل الخصوم والتطورات في المنطقة. إن العمل المشترك بين سورية وحلفائها لإنهاء الوجود الأميركي في سورية بكل الوسائل المتاحة يجب أن يكون عنواناً للمرحلة القادمة وعليه يتوقف حل الكثير من المشاكل وتطهير سورية من الإرهابيين والمسلحين والمرتزقة والمليشيات. يعتقد الكثير من المتابعين للسياسة الأميركية في سورية أن التشدد الأميركي في المواقف حول التعاون مع روسيا في سورية يهدف إلى إيجاد أرضية بين الطرفين تضمن من خلالها واشنطن تحقيق مصالحها ولو في الحدود الدنيا وإبداء إدارة بايدن عدم الاكتراث بالوضع غير المستقر في أماكن تواجدها في سورية والعراق يمكن أن ينقلب في أي لحظة ومن هذا التحليل يجب فتح جميع القنوات واستخدام كل الضغوط لإيصال واشنطن إلى هذه اللحظة الحاسمة.
معا على الطريق- أحمد ضوا