“استراتيجيك كالتشر”: الصين وروسيا تطلقان “اقتصاد المقاومة العالمي”

الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:

أهم نصيحة في فن الحروب تقول: “حماية أنفسنا من الهزيمة يكمن في أيدينا.. ومع ذلك، فإن فرصة هزيمة العدو يوفرها العدو نفسه، لذلك فإن المقاتل الماهر يفرض إرادته، ولا يسمح بفرض إرادة العدو عليه”.
هذا هو جوهر اقتصاد المقاومة الصيني – وهي استراتيجية تم الكشف عنها بالكامل في أعقاب محادثات أنكوراج، المحادثات التي أسكتت ودحضت أي فكرة عالقة تقول أن أميركا قد تجد طريقة ما ولو مؤقتة في سعيها المتهور للسيطرة على الصين.
إذا افترضنا أن مبادرة “المقاومة” هذه تشكل “ضربة بالعين” لواشنطن، فإن نطاق اتفاقية إيران للتجارة والاستثمار تعبر عنها إلى حد بعيد، كما أوضح أحد المعلقين في وسائل الإعلام الحكومية الصينية بالقول: “كما هي، فإن هذه الاتفاقية (معاهدة إيران) ستقلب تمامًا المشهد الجيوسياسي السائد في منطقة غرب آسيا التي تخضع للهيمنة الأميركية لفترة طويلة”.
إذاً هنا هو الجوهر “تحرك مقاتل ذكي لفرض إرادته” – ليست هناك حاجة لخوض الصين أو روسيا أو إيران الحرب للقيام بذلك، هم فقط ينفذون “ذلك”.. يمكنهم فعل ذلك بكل بساطة، إنهم لا يحتاجون إلى ثورة للقيام بذلك، لأنهم ليس لديهم مصلحة في محاربة أميركا، إذاً إنها ليست مجرد اتفاقية تجارية واستثمارية مع طهران وموسكو وحلفاء يساعدون بعضهم البعض.
تكمن “المقاومة” بالضبط في الطريقة التي يحاولون بها مساعدة بعضهم البعض، إنها طريقة للتنمية الاقتصادية، إن أي مورد يدر ريعًا مشتركاً (البنوك والأراضي والموارد الطبيعية وخدمات البنية التحتية الطبيعية) يجب أن يكون في المجال العام لتوفير الاحتياجات الأساسية للجميع بحرية.
وبالنظر إلى الطريقة البديلة هي ببساطة خصخصة هذه “السلع العامة” (كما هو الحال في الغرب)، حيث يتم توفيرها بأقصى تكلفة مالية – بما في ذلك أسعار الفائدة، والأرباح، ورسوم الإدارة، وتلاعب الشركات لتحقيق مكاسب مالية، هو نهج اقتصادي مختلف حقًا.
الاشتراكية مقابل الرأسمالية؟ لا، لقد مضى وقت طويل منذ أن كانت الولايات المتحدة اقتصاداً رأسمالياً، إنه بالكاد اقتصاد سوق، لقد أصبح اليوم، أكثر فأكثر اقتصادًا ريعيًا منذ أن ترك معيار الذهب (عام 1971)، وهذا أجبر الولايات المتحدة للخروج من “نافذة الذهب” إلى “سندات الخزانة”، لتمويل نفسها مجانًا (من خارج الفائض الاقتصادي العالمي بأكمله)، وهو ما ضمن لها تدفقات الدولارات إلى وول ستريت من جميع أنحاء العالم، لم تعد الدول تخضع لضوابط رأس المال، ولن تكون قادرة على إنشاء عملتها الخاصة، ولكن سيتعين عليها الاقتراض بالدولار من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
النقطة المهمة هي أنه – على المستوى الاقتصادي- يتقلص مجال التمويل المفرط في الولايات المتحدة بسرعة، حيث تتحول الصين وروسيا وجزء كبير من “الجزيرة العالمية” إلى التداول بعملاتهم الخاصة (ولا يشترون سندات الخزانة الأميركية). في “حرب” الأنظمة الاقتصادية، تبدأ أميركا بالعودة الخلف.
من الملاحظ أن معظم المحللين عادة ما يفشلون في فهم “سبب” حدوث الازدهار في غرب آسيا: “لا يرجع ذلك إلى التفوق العسكري، ولكن بسبب الاقتصاد البسيط، في حين أن الاقتصاد الأميركي يعاني من نتيجة تضخمية بعد الإغلاق وأزمة وجودية للدولار – سوف يزدهر الاقتصاد الصيني على خلفية زيادة الاستهلاك المحلي، وزيادة الصادرات نتيجة لتحفيز أميركا لطلب المستهلكين وارتفاع عجز الميزانية”. ومع ذلك فإن سياسة الواقعية الاقتصادية هذه ليست سوى نصف قصة إطلاق الصين وروسيا لـ “اقتصاد المقاومة العالمية”، وهذا إطار جيو سياسي موازٍ.
وزير الخارجية الصيني وانغ يي أوضح نهج بكين تجاه منطقة غرب آسيا بالقول: “كان الشرق الأوسط مرتفعاً للحضارات الرائعة في تاريخ البشرية، ولكن بسبب الصراعات والاضطرابات التي طال أمدها في التاريخ الحديث، انحدرت المنطقة إلى أرض منخفضة أمنياً، ولكي تخرج المنطقة من الفوضى وتتمتع بالاستقرار، يجب أن تتحرر من ظلال التنافس الجيوسياسي بين القوى الكبرى، وأن تستكشف بشكل مستقل مسارات التنمية المناسبة لواقعها الإقليمي، ويجب أن تظل بمنأى عن الضغط والتدخل الخارجيين، وأن تتبع نهجًا شاملاً وتصالحياً لبناء هيكل أمني يستوعب الاهتمامات المشروعة لجميع الأطراف”.. على هذه الخلفية ترغب الصين في اقتراح مبادرة من خمس نقاط لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط:
– أولاً: الدعوة إلى الاحترام المتبادل- يجب على الجانبين التمسك بالمعايير الدولية لعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، ومن المهم بشكل خاص أن تقف الصين والدول العربية معًا ضد التشهير والتدخل والضغط باسم حقوق الإنسان.. “على الاتحاد الأوروبي أن يأخذ علماً بهذا”.

– ثانيًا: دعم الإنصاف والعدالة، ومعارضة الأحادية، والدفاع عن العدالة الدولية- ستشجع الصين مجلس الأمن على التداول الكامل بشأن قضية فلسطين لإعادة التأكيد على حل الدولتين، ويجب علينا دعم النظام الدولي المتمركز حول الأمم المتحدة، وكذلك كنظام دولي يدعمه القانون الدولي- ويعززان بشكل مشترك نوعًا جديدًا من العلاقات الدولية.. يجب أن نشارك تجربة الحكم ونعارض الغطرسة والتعصب.
– ثالثًا: تحقيق عدم الانتشار النووي، فالأطراف بحاجة إلى مناقشة وصياغة خارطة الطريق والإطار الزمني لاستئناف الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة.. وتتمثل المهمة الملحة في أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات جوهرية لرفع العقوبات أحادية الجانب عن إيران، وأن تستأنف إيران الامتثال المتبادل لالتزاماتها النووية.. وفي الوقت نفسه ينبغي للمجتمع الدولي أن يدعم جهود دول المنطقة في إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط.
– رابعاً: تعزيز الأمن الجماعي بشكل مشترك- نقترح عقد مؤتمر حوار متعدد الأطراف في الصين من أجل الأمن الإقليمي في الخليج.
– وخامساً: تسريع التعاون الإنمائي- حسنًا، لقد دخلت الصين بشكل مذهل في الشرق الأوسط، وتتحدى الولايات المتحدة بأجندة المقاومة، عندما التقى وزير الخارجية وانغ مع علي لاريجاني، المستشار الخاص للمرشد الأعلى خامنئي، صاغ كل ذلك في جملة واحدة: “إيران تقرر بشكل مستقل علاقاتها مع الدول الأخرى، وهي ليست مثل بعض الدول التي تغير موقفها بهاتف واحد يتصل”.. يلخص هذا التعليق المنفرد روح “محارب الذئب” الجديدة.. يجب على الدول التمسك باستقلاليتها وسيادتها.
تدعو الصين إلى التعددية السيادية للتخلص من “النير الغربي”.. كيف سيكون رد فعل الولايات المتحدة؟ ستتجاهل الرسالة ومن المرجح أن تضغط على الصين وتختبرها في تايوان، وتستعد للتصعيد في أوكرانيا لاختبار روسيا، الاتحاد الأوروبي سيكون عالقاً في الوسط.. على عكس الولايات المتحدة، فهي ممنوعة من طباعة النقود لإحياء اقتصادها الموبوء بالفيروسات.. إنها بحاجة ماسة إلى التجارة والاستثمار، ومع ذلك، على الاتحاد الأوروبي (مثل الولايات المتحدة)، أن يتخلى عن خطابه غير الأخلاقي.. ما العمل إذاً ؟ اجلس وشاهد.. (بأصابع متشابكة فلا أحد يفعل شيئًا غبيًا للغاية).
بقلم:أليستر كروك
المصدر: strategic-culture

آخر الأخبار
"الاستمطار الصناعي" مشروع الضرورة في سوريا.. أول تجربة سنة 1991 حصدت 3.2 مليارات متر مكعب من المياه الأرقام القياسية لزوار المعرض لا تعكس انتعاشاً اقتصادياً حقيقياً عودة باب الهوى..إنجازات "المنافذ البرية والبحرية" تضيء معرض دمشق الدولي وزير المالية لـ"الثورة": تسويات عادلة لملفات الضرائب وعودة الرواتب المتوقفة نهاية أيلول (66) مليار ليرة لاستثمارات رياضية في مختلف المحافظات "النساج السورية" بين التراث والحداثة في معرض دمشق الدولي أحياء في الذاكرة.. حين يصبح الغياب هوية أول وكالة لمعمل تجميعي للسيارات الكهربائية في معرض دمشق الدولي من الواقع إلى الرقمية..كيف جعل معرض دمشق الدولي التكنولوجيا رفيق الزائر؟ شروط جديدة لشركات الوساطة المالية طب المستقبل يبدأ اليوم.."الصحة" تنطلق في التحول الرقمي من إدلب إلى دمشق.."التنمية السورية" تحمل سلسلة القلوب إلى جناح المعرض وزير الصحة من قلب المعرض: سوريا نحو نظام صحي رقمي متطور ضحايا الاختفاء القسري..جريمة ضد الإنسانية ويجب محاسبة مرتكبيها مغيبون في معتقلات النظام..حاضرون في حنايا الذاكرة المرأة سيدة الحضور في معرض دمشق الدولي مهلاً أيها السجان.. إحدى عشرة ميدالية متنوعة.. حصيلة مشاركة سباحتنا عربياً إغلاق بعض المخابز الخاصة  في طرطوس لمخالفاتها   الشيباني يتسلم نسختين من أوراق اعتماد سفيري موريتانيا والجزائر لدى سوريا