الثورة أون لاين – فؤاد مسعد:
شكّل الاعتماد الأساسي على التوثيق العصب الرئيسي لسلسلة (لأنها بلادي)، إخراج نجدة أنزور، وتأليف محمود عبد الكريم، وإنتاج وزارة الإعلام – المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، وسلّط العمل الضوء في كل حكاية من حكاياته على خصوصية المنطقة التي تجري فيها الأحداث، مؤكداً على وحدة الأرض السورية، حيث دارت الحكاية الثالثة (رصاصة قدر) في القلمون مُظهراً تاريخية المنطقة وأهميتها على مختلف الأصعدة، كاشفاً مكانتها التي أدركتها الفصائل المسلحة وعملت على السيطرة عليها، ولكن المسار الحقيقي والنهائي للمعركة كان بيد الجيش السوري الذي وقف بالمرصاد متهيئاً لأي مفاجأة فهو من يحدد الكلمة الفصل، وقد شهدت هذه الحكاية الكثير من الأحداث ومناقشة العديد من القيم، ولكن اللافت فيها أن شخصية الراوية (تؤديها الفنانة نادين) اعتمدت في بداية الحكاية على استخدام الصحف الورقية كوثيقة تدعم ما تقول، ففي المشهدين الأول والثاني اللذين ظهرت بهما في الصفحة السابعة من السلسلة كانت تجلس وتفتش في الصحف وهي تسرد حقائق وأرقاماً ومعلومات تكشف خلالها أحداثاً تمهد لأحداث قادمة، وتشرح وما يجري في منطقة القلمون.
كما في كل حكاية كان هناك تركيز على الوجود الأجنبي في صفوف المسلحين ودوره في تحريك الفصائل المسلحة وضرب الاستقرار إلى درجة أن قوات أجنبية أدارت عمليات عسكرية وكان من ضمن خططها ضرب قِوى المقاومة، ولكن في الحكاية الثالثة تم التشديد على فكرة أبعد من ذلك جاءت على لسان ضابط ذكر فيها مقالاً يحكي عن رؤية من يضمرون السوء للمنطقة، جاء فيه (سنجتاح بلدان شرق المتوسط دون أن ندفع دولاراً واحداً أو نخسر قتيلاً واحداً، وهم يقتلون بعضهم البعض..) وهي رؤية لما سعوا إلى تحقيقه وفشلوا رغم أنهم استخدموا مرتزقة وقتلة من مختلف دول العالم، وأوضح العمل أن من أهداف الحرب التي شنت على سورية النيل من قيمنا وحضارتنا واستبدال السلم الاجتماعي بالتوحش الاجتماعي، معرجاً على فكرة الحاضنة الشعبية للجيش وتعاون الأهالي في الوقوف ضد الإرهابيين، فالجيش كان يقاتل في أربعة آلاف نقطة قتال على امتداد الأرض السورية.
لم تكن مهمة المخرج نجدة أنزور بالسهلة أمام عمل يعتمد على وثائق وحوارات شكلت حاملاً للمعلومات العسكرية والتوثيقية التي تؤرشف لمختارات من الحرب التي شنت على سورية وفي مناطق متعددة من أراضيها، فلجأ إلى المعارك التي تحمل حالة من التشويق بما فيها من حالة إبهار على صعيد الصورة خاصة لدى تدخل القوات المسلحة بمختلف العتاد (طيران، دبابات، المدفعية..) ، هذا الرهان الذي عرف الكاتب محمود عبد الكريم أهميته فخلق محاور درامية تسند الحكاية الأساسية التي تتحدث عن بطولات وتضحيات حقيقية بكل ما فيها من لحظات إنسانية مؤثرة، ومن الخطوط التي تناولتها الحكاية الثالثة خط الضابط الذي ضحى بحياته لإنقاذ حافلة مدنيين خطَفها القتلة بين قارة ودير عطية، وقضية الرهائن وإبراز عمليات الابتزاز والخطف مقابل المال، كما كان هناك حضور قوي للمرأة فالفتاة الحرة فضلت الموت على أن يتم إذلالها وتجبر على الزواج من أحد الإرهابيين، وتم إظهار كيف جرت عملية تهجير أهالي القلمون بالتهديد والوعيد، ودخول المسلحين معلولا ومن ثم دحرهم ودخول الجيش إليها وسط تهليل الأهالي، في الوقت الذي شهدنا انهزام الفصائل المسلحة من القلمون ونشوب الاقتتال فيما بينهم