الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
عندما غزت أميركا أفغانستان كذبت بشأن مبرراتها القضاء على حركة طالبان وتنظيم القاعدة، وهاهي اليوم تفضح نفسها بانسحابها بالاتفاق مع حركة طالبان، وعندما غزت العراق كذبت، ولم تجد ما ضللت به الرأي العام العالمي بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، وظهر كل ذلك مجرد كذب وافتراء.
وفي موضوع البرنامج النووي الإيراني كانت دائماً تكذب، وكان إعلامها وإعلام الغرب معها كذلك يكذب في أوضاع المنطقة لا سيما ما يحدث في سورية وغيرها في اليمن وليبيا كانت تكذب.
هل ترى أن العالم كان يصدقهم؟ بالطبع لا، ولكن هناك من كان يسايرهم وهناك من كان يعارضهم.
الملفت في الأمر أن إعلام أميركا والإعلام الغربي بشكل عام دائماً كان يسوق أضاليلهم ويحاول تشكيل رأي عام يعتمد على الإثارة حتى ولو لم تكن هناك حقائق أو أدلة دامغة على ادعاءات سياسييها.
هذا يرتبط بإعلام ما بعد الحقيقة الذي نشأ في الولايات المتحدة الأميركية، إذ كان مواطنو الولايات المتحدة وقت اندلاع الحرب العالمية الأولى مسالمين لأقصى حد، ولا يرغبون في التورط في أي حروب أوروبية، ونتيجة لالتزامات إدارة الرئيس الأميركي وودور ويلسون تجاه الحرب، فقد كان على الأخير أن يفعل شيئًا حيال الرأي العام الأميركي المعارض للحرب، فقامت إدارته في عام 1917 بإنشاء هيئة رسمية تألفت من ممثلي وزارات الخارجية والحرب والبحرية، إضافة لمحترفين في صناعة الإعلان والصحافة، سميت بـ«لجنة كريل»، وهو اسم الصحفي الذي ترأسها، لتدير أول عملية دعائية حكومية في العصر الحديث.
يسعى أسلوب إعلام ما بعد الحقيقة إلى الحديث عن الحقبة التاريخية الراهنة التي ذابت فيها الحياة في الصورة، وذابت فيها الصورة في الحياة، وصار فيها المتخيل هو البديل عن الواقع الحقيقي الذي جرى تزييفه على نطاق واسع في أعين الكثير من الناس.
وهو حال الإدارات الأميركية التي انتهجت هذا النهج في تسويق أضاليلها للتغطية على حروبها العدوانية وتبريرها ووضع الصور المخادعة للواقع، وهو ما حصل خلال غزو العراق وقبل ذلك مع أفغانستان.
وهو ما يحصل اليوم في التعامل الأميركي مع سورية والمنطقة بشكل عام، أي بتصنيع الإجماع، بمعنى جعل الرأي العام يوافق على أمور لا يرغب فيها بالأساس عن طريق استخدام وسائل دعائية، وهو الأسلوب نفسه الذي يعتمده كيان العدو الصهيوني في اعتداءاته ضد الشعب الفلسطيني وضد سورية.
إلا إن إعلام المقاومة الذي تنتهجه سورية وقوى المقاومة في المنطقة استطاع أن يسقط هذا الإعلام المعادي ويكشف زيفه ويعريه ويفضح أسلوبه أمام الرأي العام العالمي ويفند كل أكاذيبه، ولهذا السبب تشن عليه حملات الضغط المستمرة ويحارب بشراسة من قبل أميركا وحلفائها وأدواتها، ويقطع بثه عن الأقمار الاصطناعية، وتحجب المواقع الالكترونية التابعة لإعلام المقاومة عن الانترنت، لمنع صوتها من الوصول إلى الشعوب الغربية المضللة، وهذا ما يؤكد مرة أخرى أهمية هذا الإعلام وجدواه وفاعليته في كشف كل المؤامرات الغربية التي تحاك ضد المنطقة وشعوبها، وخوف الغرب من تأثيره في شعوبها ولا سيما أنه ينقل الحقيقة التي يبحث عنها العالم.