من يردع هؤلاء المهرجين ؟!

 

الثورة أون لاين – علي الأحمد:

نكون أو لا نكون ،تلك هي القضية.. نعم تظل المقولة الشكسبيرية خالدة أبد الدهر ، وخاصة في مشهد الموسيقى العربية المعاصر ، بات العثور فيه ،على منتوج أصيل وراقٍ ،بمثابة مغامرة محفوفة المخاطر ،حيث تتصاعد موجات وحمى الاستهلاك ،لتخلق واقعاً موسيقياً مأساوياً ،بكل ما تحمل الكلمة من معنى، هذا يفسر إلى حد كبير مدى تقاعس الجميع في مواجهة هذا الطوفان الجارف،والتيارات العبثية ،التي أطلقت الغرائز المكبوتة ،ونشرت الإباحية في أغلب المنتوج المعاصر ،كمشروع بديل لتلك الروح الإبداعية الكلاسيكية ،التي يبدو أن لا مكان لها في عصرنا الملتاث هذا الذي فقد عقله ورشده وضيّع بوصلته الروحية المبتغاة .
– إنه عصر التهريج والدجالين والأدعياء وعديمي الموهبة والمعرفة ،الذي يجتاح العالم ،بمباركة المال الفاسد المُفسد ،الذي بات عاملاً أساسياً في فرض هؤلاء المهرجين والحواة ،ممن دخلوا هذا الفن النبيل خلسة ودون سابق إنذار ،بمحض الصدف وغوايات المال الأسود، معززين ومدججين بأعتى الأسلحة الذكية التي تنتج كل هذه الأطنان من النفايات ،التي يطلق عليها اسم فن ،وأي فن ،حين يكون مساره الوحيد ، تفريغ الحياة من المضامين الروحية والجمالية ،وإحلال القبح والبشاعة مكان الجمال والجلال ،وأي فن حين يكون دوره محصوراً في تسليع الإنسان وخاصة المرأة ،وتخدير الأجيال عبر إيقاظ كل الغرائز الحسية ،وتقديم منتوج غنائي يحتفي بالجسد والعري ولا شيء سواه ،نعم القضية هنا أخطر مما نتصور ،فعندما تنشئ الأجيال على روح الاستهلاك والفن الرديء الرخيص ،وتغيب عنها أو تغُيّب الروح الكلاسيكية العظيمة للفنون قاطبة ،بمقولاتها الذوقية والجمالية الخالدة ، فإن الخسارات ستكون موجعة على أكثر من صعيد، وخاصة مع تقديم هذه الوجبات الحسية المسمومة كمعيار أوحد للتذوق المعاصر ولمواكبة “حضارة” العصر ،وثقافته الوحيدة المعممة على الجميع ،فلا لوم إذاً، حين يتسيّد هؤلاء المهرجون كل تفاصيل المشهد ،يعيثون فساداً وانحطاطاً في مقدرات هذا الفن يفرضون ذوقهم الكئيب وذائقتهم العليلة على الجميع بمباركة الاقتصاد الرأسمالي المدمر ، وشركات إنتاجه وإعلامه الأصفر الذي يغزو العالم كوباء الطاعون ،من دون أن يردعهم أحد ،ومن دون أن يوقفهم أحد ،وهذا هو التوصيف الحقيقي، للواقع المزري الذي تغرق فيه موسيقانا العربية المعاصرة،وتختنق تلك الروح الأصيلة التي اجترحت لنا أزمنة الإبداع والفن الجميل الذي لا ينسى، فالكلمة الآن لهؤلاء الأدعياء الذين يتقافزون على حبال الفضاء العربي العتيد برشاقة يحسدون عليها، هذا الفضاء المسموم ،الذي يقدم خدماته الجليلة إكراماً للمتلقي العربي ،من إسفاف وانحطاط ورداءة ما بعدها رداءة ،باسم التجديد والتطوير والتحديث ،ومواكبة العصر وموضاته العابرة الهزيلة ،حيث الجميع يلبسون لباساً واحداً ويأكلون طبقاً واحداً، ويشاهدون فناً هابطاً واحداً أقرب ما يكون إلى برامج الكباريهات العتيدة التي أضحت أكثر من الهم على القلب ،تقدم خدماتها المجانية للمتلقي العربي ،كل ما عليه فقط أن يبقي حواسه على أهبة الاستعداد وأصابعه مستنفرة على الدوام للضغط على الأزرار العجيبة المزركشة ،حيث تنتنظره بشوق ومتعة ، إبداعات مغنيات السيلكون …في عرض إباحي مفتوح على مدار الساعة ،ليتنعم بفتوحات الكليب العتيد وغيرها من إبداعات العولمة المتأمركة ومقولتها الشهيرة ” اشتر ،استهلك ،ارم ” والبقية تفاصيل ،ويبقى السؤال حاضراً بقوة هنا :من يردع هؤلاء ويوقفهم عند حدهم ويطردهم من المشهد إلى غير رجعة غير مأسوف عليهم ؟!.والجواب بالتأكيد، عند أصحاب المال النظيف والضمائر الحية الذين يؤمنون بالمشاريع التنويرية والفن الرفيع الراقي، الذي يؤنسن الحياة ويجعلها أكثر من ممكنة.

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” مرسوم بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعد شاغر في دائرة دمشق الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي