الانتماء الوطني لا يعني الانتساب بل المواجهة والدفاع

الثورة أون لاين – حسين صقر:

من المعروف أن الانتماء الوطني ليس مجموعة من الكلمات والشعارات التي تُطلق بين الحين والآخر، وتعرف بمعناها اللغوي أي الانتساب لهذا الوطن، بل يعني الدفاع عنه ضد مايتعرض له من ضغوط وهجمات، والعمل مع بقية أفراده على تشكيل ورص الصفوف تلو الأخرى لمنع اختراقه اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً وفكرياً وعقائدياً، والعمل على ترسيخ الوحدة الوطنية فيه.
وفيما يخص وطننا الغالي الذي مازال يتعرض لهجمة عدوانية شرسة وحرب إرهابية دولية منظمة، فإن أبناءه أحوج ما يكونون لتعزيز الوعي الجماهيري والوطني الذي من شأنه مواجهة تلك الهجمة، دون أن ننسى أن لكل مجتمع ثقافته الخاصة التي تؤثِّر على منظومته الحياتية، والتي لها أفكارها ومعطياتها وآراؤها ورؤاها التي تحكم أنماطهم السلوكية ووعيهم وتفاعلهم، والتي تشكل بالنهاية مخزونهم المعرفي ذا الأثر الكبير في وعيهم.
فالانتماء للوطن ركيزة مهمة تقوم عليها القيم الوطنية، ولاسيما أنه يشكل حالة حسية إيجابية تُشعر المرء بانسجامه مع وطنه، وتؤكد استعداده لخوض غمار أي معركة تُدار ضده، خاصة وأن الإنسان منذ ولادته تولد معه نزعة الانتماء لذلك، من خلال الأسرة التي تشكل الحاضنة الأولى والنبع الذي يُملأ به كأس الانتماء ومن ثم سلوك طريق الولاء.
من هنا تحديداً يبدأ دور الأسرة في تقويم الأبناء وغرس القيم الصحيحة في قلوبهم وعقولهم، وعلى رأس هذه القيم حب الوطن، لكون هذا الحب هو الدرجة الأولى على سلم الرقي والتقدم.
أهمية الأسرة والمجتمع يكمنان في ظل الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التي يلعب بعضها دوراً سلبياً واضحاً في تغيير المفاهيم والقضاء أولاً بأول على المبادئ والقيم الصحيحة، ولذلك فإن دور تلك الأسرة في تلقين الناشئة قيمة حب الوطن لا يقل أهمية عن دورها في تلقينهم الأمور الشخصية والتربوية، لذا يجب على أرباب الأسر أن يحرصوا على أن يظهروا هذا الانتماء لأبنائهم، لأن الآباء بطبيعة الحال هم المثل الأعلى لأبنائهم، ويمثل الانتماء في حد ذاته حاجة من الحاجات الضرورية للإنسان التي يحرص على إشباعها ليقهر عزلته وغربته ووحدته، وهو سبب رئيسي في تماسك أفراد المجتمع.
اليوم ومع تسارع نبض الوسائل الإعلامية المتعددة، ومصادر الخبر ومساحات الرأي التي أتاحت لكل فرد أن ينخرط في هذا العالم وهو مكبل أمام شاشة ولوحة مفاتيح، على أرباب الأسر الانتباه إلى مايمكن أن يؤثر على هذا الانتماء، لأن مجرد الجنوح قد يفضي إلى أوضاع كارثية لاتحمد عقباها، ويصبح مفهوم الوعي الجماهيري مجرد شعار وكلمات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولهذا من الضروري العمل على تعزيز الوعي الإعلامي اولاً لدى المتلقي، حيث الإعلام يتطور ويتقدّم وعلى الجمهور أن يتطور معه بأن يفكك الخطاب الإعلامي ويحلِّل بشكل ناقد ليتحول من متلق إلى شخص مؤثِّر بالاتصال، لا ان يتقبل اي شيء على علاته كما يقال، وذلك بالتعاون مع الجماعة، ولاسيما أنه من الثابت أن المرء لا يستطيع أن يشبع حاجته للانتماء إلا من خلال جماعة يعتنق معاييرها ومبادئها، وقيمها، جماعة تستطيع أن تشبع حاجاته الأساسية وتحميه ويستمد قوته منها وتحقق ذاته وتقدره، فكلما ارتفعت مؤشرات الانتماء، كان أفراد المجتمع أكثر تماسكاً وقدرة على مواجهة التحديات، والتزاماً بالقوانين والقواعد السلوكية، واحترام العادات والتقاليد، والفخر برموزهم الوطنية والاعتزاز بوطنهم، وكلما هبطت مؤشرات الانتماء ارتفعت معدلات التمرّد والعنف ومخالفة القوانين، والتستر على الخائنين، والفاسدين، والتعاون مع العدو ضدّ مصلحة الوطن.
وختاماً فإذا كان حب الوطن واجباً على كل فرد تجاه وطنه، فهذا الواجب ينبغي أن يدفعنا إلى أن نعزز حالة الانتماء وأن نتكاتف ونتعاون ونتآلف لبناء وطننا بالوقوف صفاً واحداً في مواجهة التحديات المختلفة الطارئة.

آخر الأخبار
قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر  متبرع يقدم جهازي "حاقن آلي" وتنفس اصطناعي لمستشفى الصنمين بدرعا