الباكي على “الوضع الإنساني”، ومزاعم الحرص على حياة السوريين، كان الشغل الشاغل لأميركا وأتباعها الغربيين على مدار الشهرين الماضيين، بدءاً من الجولات الاستعراضية لمسؤولين أميركيين وغربيين إلى المناطق المجاورة لمعبر باب الهوى اللا شرعي، مروراً بجرجرة واشنطن لشركائها إلى روما، وانتهاء بجلسة مجلس الأمن الدولي، ولكن أياً من المتباكين لم يتجرأ على ذكر الأسباب الرئيسية لتردي الوضع الإنساني، وزيادة معاناة السوريين، والمتمثلة بالإرهاب، ووجود الاحتلالين الأميركي والتركي، والعقوبات الغربية الجائرة.
الدول الغربية استخدمت كعادتها أسلوب التضليل والكذب، لخداع الرأي العام العالمي بموجبات تمديد ما يسمى (آلية إدخال المساعدات الإنسانية) عبر معابر لا شرعية، من أجل ضمان تمديد بقاء تنظيماتها الإرهابية، وبالغت كثيراً في توصيف “آلية المساعدات”، فزعمت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، “ليندا توماس غرينفيلد”، بأنها ” شريان الحياة”، وطالبت بزيادة تلك المعابر إلى ثلاثة قبل فشل بلادها بتحقيق أمنيتها تلك، ولكن “شريان الحياة” هذا، هو بالنسبة لمن؟ هل هو للشعب السوري؟، بكل تأكيد لا، ولو كان كذلك، لالتزمت الدول الغربية بمبادئ القانون الدولي الذي يقضي ضرورة التنسيق مع الحكومة السورية، وإرسال تلك المساعدات عبر المنافذ الحدودية والموانئ السورية، ما يثبت مجدداً أن تلك ” المساعدات” تحمل في الشكل، الطابع الإنساني فقط، ولكنها في المضمون تحوي عتاداً وأسلحة للإرهابيين، وبحال التزمت الأمم المتحدة بشفافية صادقة خلال عملية المراقبة المتفق عليها، فسرعان ما تتأكد من صحة الأمر، ولكن التجارب السابقة مع المعنيين بالشأن الإنساني لدى الأمم المتحدة لا تبشر بذلك، نظراً لتقاريرهم المشوهة والمزورة بهذا الصدد.
الدول الغربية أدمنت سياساتها العدائية تجاه الشعب السوري، وتتجاهل عن قصد وعمد الأسباب الجذرية لمعاناته، لأنها هي جوهر المشكلة، تواصل دعمها للإرهاب، وتقف إلى جانب الولايات المتحدة في احتلالها لأجزاء من الأرض السورية، فهي جزء من “تحالفها” المزعوم، ولا تشير من قريب أو بعيد لجرائم هذا المحتل وميليشياته العميلة الانفصالية في نهب النفط، وسرقة المحاصيل الزراعية وحرقها، وتدمير البنى التحتية، وتشد أيضاً من أزر المحتل التركي المشرف على رعاية واحتضان الإرهابيين، وتغض الطرف عن سياسات التتريك التي ينتهجها نظام اللص أردوغان، وتدعم مخططاته التوسعية، ولا تعير أي انتباه للجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها بحق السوريين “قطع المياه، وسرقة الآثار، ونهب المعامل والمصانع ومحطات الكهرباء والجسور الحديدية وغير ذلك..”، أليس كل ذلك سبباً إضافياً لتردي الوضع الإنساني؟
أميركا وأتباعها الغربيون لطالما حاولوا تسويق أنفسهم بأنهم نموذج “للإنسانية والأخلاق” ولكنهم دائماً يسقطون في امتحان المصداقية، فكثيرة هي المحطات التي ادعوا خلالها حرصهم على الوضع الإنساني، وعقدوا الكثير من المؤتمرات في بروكسل تحت يافطة هذه المزاعم “الدول المانحة”، وهو ما تدحضه العقوبات الجائرة، فهل “قيصر” بمستنسخاته المتعددة هدفه مساعدة الشعب السوري؟، أم خنقه، وحرمانه من أبسط مقومات الحياة، من غذاء ودواء، ألا يعتبر هذا الإجراء العدائي بمنزلة جريمة إبادة جماعية، لاسيما أنه يستهدف حتى الدول الصديقة التي تمد يد العون لهذا الشعب، إذاً كيف يخدم المواطن السوري؟، فهل يحق لمن يمارس إرهاباً اقتصادياً موصوفاً الادعاء بأنه يتمتع بالإنسانية والأخلاق، فيكفي أن ترفع تلك الدول عقوباتها الظالمة، ليبدأ الوضع الإنساني بالتحسن، ويستعيد السوريون تعافيهم الاقتصادي والمعيشي.
نبض الحدث- بقلم أمين التحرير ناصر منذر