تواصل الولايات المتحدة الأميركية هروبها المتعمد والمخادع من مسؤولياتها الدولية عبر تسييس كلّ الملفات الإنسانية حول العالم خدمة لأجنداتها الاستعمارية المريضة، في الوقت الذي تمارس فيه أبشع أنواع الابتزاز والضغط والقهر بحق الدول والشعوب المناهضة لسياساتها تحت عناوين إنسانية، من فنزويلا وكوبا غرباً وصولاً إلى إيران وسورية وكوريا
الديمقراطية شرقاً، فما تقوم به في شمال شرق سورية من احتلال ونهب علني لمقدرات الشعب السوري في أوج حاجته إليها يشكل جريمة حرب بكلّ المقاييس القانونية والأخلاقية.
من تابع تباكي السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس-غرينفيلد بالأمس على أحوال السوريين، لن يخطر في باله أن كلّ الظروف الصعبة التي يمرون بها اليوم هي من صنع وتخطيط الدوائر السياسية والعسكرية والتشريعية والاستخباراتية الأميركية، إذ ما زالت واشنطن إلى جانب احتلالها أجزاء حيوية من الأرض السورية وسرقة الخيرات والنفط السوري، ترفض إنهاء الحرب وتعرقل التوصل إلى حل سياسي، كما تواصل دعم التنظيمات الإرهابية والانفصالية، وتفرض العقوبات الاقتصادية القاسية التي أدت إلى وضع معيشي صعب طال جميع السوريين دون استثناء.
إصرار واشنطن على تمرير المساعدات الإنسانية من معابر حدودية مع النظام التركي -المتورط حتى النخاع في دعم الإرهاب ونشر الفوضى بعيداً عن إشراف الدولة السورية، يحمل في طياته نوايا أميركية خبيثة، ليس أقلها توفير كل أشكال الدعم والمساعدة والتسليح والتمويل لجبهة النصرة الإرهابية التي تشكل “أساساً” لاستراتيجية واشنطن في سورية، أي استمرار الفوضى والحرب وتأخير الحل السياسي إلى ما لا نهاية.
يعلم كل من لديه بُعد نظر أنه قبل هذه الحرب الظالمة التي فرضت على سورية، لم يكن هناك سوري واحد بحاجة إلى مساعدات إنسانية من أي جهة كانت، بل كانت سورية تساهم في كلّ برامج المساعدات الإنسانية للمتضررين من الأزمات والكوارث وكذلك الحروب التي تفتعلها أميركا وحلفاؤها حول العالم، وهو ما يكذب كلّ الادعاءات والحجج الأميركية بهذا الشأن، وإذا ما أرادت أميركا أن “تساعد” السوريين فعلاً فما عليها إلا أن تتركهم وشأنهم، فهم الأقدر على حلّ مشكلاتهم دون تدخل من أحد، ولعلّ ما يجري اليوم في كلّ من العراق وأفغانستان ومناطق أخرى يؤكد للعالم كارثية السياسة الأميركية الخارجية، وأنها سبب الداء والبلاء لكلّ شعوب العالم الحرة.
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود