ارتفعت أسعار مبيع زيت الزيتون في الأسواق أضعاف ما كانت عليه في المواسم السابقة، ولم يعد بمقدور الكثير من الأسر و العائلات شراء ربع احتياجاتهم من هذه المادة الضرورية التي لا غنى عنها بكل منزل، وانضم الزيت والزيتون للائحة الممنوعات على طعام المواطن.
بالطبع هناك عوامل كثيرة وعديدة أثّرت وساهمت بتلك القفزات السعرية الباهظة، في مقدمتها الحرائق المفتعلة التي التهمت مساحات كبيرة من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون وغيرها العام الماضي، والتي كان هدفها إلحاق الضرر باقتصاد البلد أولاً من خلال حرق المحاصيل الزراعية المهمة وحرمان المزارعين وعائلاتهم وأسرهم من عوائد إنتاجهم ومصدر رزقهم والتضييق عليهم مادياً ثانياً.
ولكن الأمر البالغ الخطورة هو دخول تجار الأزمات والمتلاعبين على خط الأزمة وشراء ما تبقى من كميات الزيت والزيتون، وعقد صفقات بأسعار عالية ليس من باب أنصاف المزارعين ولكن بقصد الاستغلال والاحتكار والتهريب، الأمر الذي أدى لفقدان المادة وارتفاعها بشكل غير مسبوق، والخاسر الوحيد طبعاً هو المزارع والمستهلك بالدرجة الأولى.
قبل الحرب العدوانية على بلدنا كانت سورية تحتلّ المركز السادس عالمياً والثاني عربياً في إنتاج الزيتون، ومن المعروف بأن زيت الزيتون السوري يحظى بشهرة عالمية بوصفه واحداً من أفضل الزيوت في العالم نظراً لخصائصه الفريدة من حيث النكهة واللون و الرائحة، ولكن بسبب الحرب الممنهجة خرجت مساحات كبيرة في ريفي إدلب وحلب التي تحتل المرتبة الأولى بهذه الزراعة من الإنتاج نتيجة وقوعها تحت سيطرة العصابات الإرهابية المدعومة من قبل النظام التركي ما ضاعف من حجم المعاناة.
إعادة الإنتاج إلى وضعه الطبيعي يتطلب التوسع بهذه الزراعة الحيوية والمهمة، ووضع خطط لترميم وإصلاح الأراضي والبساتين التي تمّ حرقها وتخريبها جراء الأعمال الإرهابية، وتأمين الغراس والأسمدة والمازوت وتعويض الفلاحين، وإعادة الاعتبار لهذه الزراعة التي لا تقلّ أهمية عن باقي المحاصيل الزراعية نظراً لما تحققه من الاكتفاء الذاتي من مادتي الزيت والزيتون واستخدام مخلفاتها في مجالات أخرى، إضافة للعائد الاقتصادي الذي تدرّه على الخزينة جراء التصدير لهذه المادة المرغوبة، ووضع خطة من قبل الجهات المعنية لشراء وتسويق المحصول من قبل مؤسسات الدولة لضمان عدم حدوث تشوهات سعريه أو القيام بأيّ ممارسات ضارة بالمستهلك من قبل بعض المحتكرين والمتلاعبين، ومراقبة حالة الأشــجار ومكافحة الأمراض الخطيرة التي تسبب بتراجع الإنتاجية مثل عين الطاووس وذبابة ثمار الزيتون ومكافحتها بإشراف المختصين.
أروقة محلية -بسام زيود