بمناسبة الاحتفاء بعام التعليم المهني تعديل كامل للمناهج.. ونظرة المجتمع السلبية إلى وداع بانتظار صدور المرسوم
الثورة أون لاين – تحقيق-غصون سليمان :
كان الطموح في تسعينيات القرن الماضي أن تكون نسبة التعليم ٧٠% للصناعي و٣٠% للعام، إلا أن هذه الأمنية والرغبة التربوية لم تتحقق لأسباب مختلفة، رغم أن مساراته تغطي ٨٠% من التخصصات المطلوبة في سوق العمل، وأن ٩٠% من حاجتنا كمجتمع مرتبطة بحرف ومهارات لا يمكن الاستغناء عنها .
إنه التعليم المهني بفروعه الصناعية والتجارية والفنية النسوية، حيث أعلنت وزارة التربية أن العام ٢٠٢١ هو عام التعليم المهني والذي سيشهد قفزة نوعية وجذرية تنعكس إيجاباً على جميع مناحي الحياة بدءاً من نظرة المجتمع الدونية أو السلبية تجاهه، إلى جعله الأكثر أهمية وحضوراً في إعادة الإعمار بعد صدور المرسوم المنتظر.
*أسئلة وهواجس..
عن آفاق ومحددات هذا النوع من التعليم ، وخصوصيته بعد عشر سنوات من حرب عدوانية قلبت كل موازين التقدم والتطور، نقف في حضرة المعنيين لمعرفة ما هي خطوات دعمه ،وهل هناك من اختصاصات جديدة تراعي متطلبات سوق العمل ..
أسئلة وهواجس واستفسارات كثيرة وجدت لها طريقاً من الشرح والتوضيح والعزيمة والإرادة وكشف الكثير مما يفرح ويسر الخاطر عند أصحاب الشأن في وزارة التربية.
الدكتور المهندس “محمود بهاء الدين بني المرجة” معاون وزير التربية لشؤون التعليم المهني وضع في لقاء معه جميع نقاط الوجع على حروف المعرفة لما يجري في الواقع ، وشرح الصورة الحياتية لهذا الاختصاص دون أي تجميل لتغدو اللوحة التعليمية بإطارها العام منها ما يدمي القلب ،ومنها ما يسر الخاطر .فهو الشغوف والمؤتمن في عمله بما يرضي مستقبل سورية.
*جناحا وزارة التربية..
في البداية أشار الدكتور بني المرجة إلى أن التعليم المهني، والفني النسوي، والتجاري، هو أحد جناحي وزارة التربية حيث تتألف وزارة التربية من قسمين أساسيين هما التعليم الأساسي لصفوف الابتدائي، الإعدادي ، الثانوي ،والتعليم الخاص لذوي الإعاقة والمتفوقين، وبالوقت نفسه هناك التعليم المهني الذي يضم ٢٢ اختصاصاً وهذه المسارات تغطي ٨٠ بالمئة من التخصصات المطلوبة تقريباً في سوق العمل. لافتاً إلى أنه خلال فترة الحرب العدوانية عانت سورية للأسف على جميع المستويات وفي كل الأماكن ، لكن النقطة المضيئة في هذا الوجع أن التعليم بصورته العامة لم يتوقف على الإطلاق وإن كان بنسب متفاوتة.
*خصوصية التعليم المهني..
يشير معاون الوزير إلى أنه يشكل ٧٠% بالمئة من ميزانية وزارة التربية وهذا قرار استراتيجي بالنسبة للوزارة لدعم اليد العاملة الماهرة المثقفة، فنحن كوزارة جهة منتجة لتوريد اليد العاملة إلى سوق العمل سواء للقطاع العام والخاص والمشترك، حيث تغطي هذه التخصصات معظم المهارات الأساسية، إلى جانب التعليم التجاري بفروعه ، وكذلك المعاهد المتوسطة التابعة للتعليم الفني والمهني كالمصرفي والمحاسبة. مع تخصصات أخرى للتعليم النسوي مثل خياطة الألبسة وأقسام المكياج والتجميل عموماً إضافة إلى التعليم الفني المتعلق بالمهارات النسوية المعروفة ،التريكو، التطريز، الرسم، الزخرفة.
وفي رده على سؤال حول الأعداد المطلوبة لهذا الاختصاص أعرب الدكتور بني المرجة عن أسفهِ لعدم تحقيق الطموح في تسعينيات القرن الماضي بأن يكون ٧٠% بالمئة للتعليم الصناعي و ٣٠% بالمئة للعام ، لأسباب مختلفة منعت تحقيق هذه الرغبة.
* نظرة دونية وصفة العقوبة..
وحول نظرة المجتمع لهذا اللون من التعليم ،ذكر بني المرجة أن التعليم المهني مازال يعاني من نظرة دونية في المجتمع ،وإذا ما دققنا في بعض التفاصيل نرى كيف أن الابن أو الابنة إذا حصلا على علامة قليلة أو متوسطة يكون التوجيه بدخول الصناعة، وإذا فشل في صفه، أو كان سنه أكبر يأتي الأمر بدخول الصناعة ، وبالتالي أخد هذا الاختصاص صفة العقوبة لا الميزة للطالب، موضحاً أيضاً أنه لا شيء يأتي بالإكراه فإذا ما أجبر الطالب على دراسة الطب بالإكراه سيكون بالتأكيد طبيباً فاشلاً وكذلك الأمر دراسة الصناعة إذا لم يكن صاحبها ذو رغبة وموهبة ستكون النتائج سلبية على وزارة التربية أولاً والمجتمع ثانياً.
ولذلك يجب أن نبدأ من الإنسان نفسه بحيث تكون لديه القناعة بأنه سيرفع من شأن نفسه بمعنى أنه دخل الصناعة لأن لديه مهارات وهواية وموهبة سواء ، بالكهرباء ،بالميكانيك، بالإلكترون، بالرسم، الخياطة وإذا ما نمينا هذه الحرف فإن أصحابها ربما يصلون إلى مستويات عالمية كأن يصبح أحدهم مصمم أزياء معروفاً أو حرفياً ماهراً في صناعة الموبيليا والخشبيات. وبالتالي هذا المفهوم غير واضح لدى أجيالنا بشكلٍ عام وهذه مسؤولية الأهل والأسرة وليس المدرسة.
فالأهل منذ البداية يكون التوجيه لأبنائهم بعبارة ( بابا ادرس حتى تصبح طبيباً، مهندساً) وكأنه لا يوجد في الدنيا سوى هذين الاختصاصين ، علماً أننا جميعاً نحتاج ونعيش على ما ينتجه النجار والحداد والسباك والدهان.
فحوالي تسعين بالمئة من حاجاتنا مرتبطة بالحرف والحرفيين ومع ذلك يطمح معظمنا ليكون طبيباً وصيدلانياً ومهندساً ، فالذي دفع الناس لهذا الشعور ربما تلك المزايا التي كان أصحاب الشهادات يتمتعون بها كبريستيج في المجتمع، مع مردود مادي أعلى وراحة نفسية وجسدية، أي وظيفة مريحة ذات مردود عالٍ ومقدرة بعين المجتمع.
*مشكلة اليد العاملة الماهرة..
ولكن المفارقة التي ذكرها معاون الوزير أنه بعد الحرب العدوانية على بلدنا وما حصل من انهيارات مختلفة مازالت النظرة السلبية بهذا الشأن كما هي، ومازال الأهل يحبذون دراسة الطب والهندسة كما أسلفنا. ليبقى السؤال المطروح هو هذا البيت الذي تهدم وأغلقت نوافذه و أبوابه من سيعيده ويرممه حيث بِتنا ندفع عشرات أضعاف القيمة الفعلية للعرض لأنه ليس لدينا اليد العاملة القادرة لتنفيذ هذه المهمة بالشكل المطلوب، ففي السابق كنا نركب على سبيل المثال لا الحصر “جلدة حنفية” ب١٥٠ ليرة فيما اليوم تكلفنا ٥٠٠٠ آلاف ليرة، نتيجة انهيار العملة أولاً وقلة اليد العاملة الخبيرة ثانياً ، مع ملاحظة أنه أيام زمان كان يتنافس في الحي الواحد عشرة سباكين، فيما اليوم لا نجد ضمن المدينة الواحدة عدد هؤلاء. فمشكلتنا حالياً هي اليد العاملة الماهرة، بعدما هاجر أغلبها والتي كانت سابقاً خبرات تراكمية من خريجي المدارس الصناعية ويتمتعون بمهارات متعددة.
*تحديات الحرب..
وحول جملة التحديات خلال سنوات الحرب قال الدكتور بني المرجة بأن التحدي الأكبر هو استمرارية الدوام في المدارس وقد حققتها الوزارة بجدارة ولكن المحزن أن أكثر من خمسة آلاف مدرسة أصبحت خارج الخدمة ومنها مدارس صناعية ومهنية، إذ خسرنا أكبر ثانوية مهنية ومعهد صناعي في حلب حيث دمرا بالكامل بمنطقة العرقوب وهذا بالتأكيد يؤثر على سمعة الصناعة والمردود الاقتصادي والذي يكاد في حدوده الدنيا، نظراً لتوقف معظم المنشآت الإنتاجية عن العمل ما أدى إلى توقف العائدات، فمن أين نأتي بالرواتب والمصروف وكيف للدولة أن تصرف على المجتمع كبنية تحتية كاملة ، من ماء وكهرباء وهاتف وخدمات مختلفة ناهيك عن الحصار اللئيم الذي زاد الوجع والطين بلةً .
ونوه معاون وزير التربية لشؤون التعليم المهني بأن مشكلتنا بالأساس هي النظرة الفوقية لبعض الاختصاصات والنظرة الدونية لاختصاصات أخرى رغم أهميتها، وبرأيه لا يوجد اختصاص أهم من آخر فكل الاختصاصات بمكانة ملك (والحجر في مكانه قنطار على قول المثل) وهذا الكلام لو طبقناه على كل المهن سنرى أن جميع المهن ستكون بمستوى الطب والصيدلة والأسنان وغيرها من المهن الناجحة، وفي الوقت ذاته نرى اليوم أيضاً حرفيين دخلهم يكاد يكون أعلى من دخل الدكاترة والمهندسين وأن معظم الناس “المرتاحة مادياً” هم من أصحاب الحرف والمهن “حداد، دهان، كهربجي، ميكانيكي سيارات، خياط، كهربائي منزلي” فيما باقي الناس ينتظرون الفرج.
استمرارية الحضور
كما بين أن وزارة التربية خلال فترة الحرب ساهمت باستمرارية الدولة من خلال دوام الطلبة في مدارسهم وحتى في فترة كورونا كان إصرار الوزارة هو عدم توقيف المدارس والعملية التربوية وإنما إمكانية التخفيف فقط مع الالتزام بشروط البروتوكول الصحي والذي طبق بعناية مدروسة لمصلحة العملية التربوية والتعليمية .
*رفع نسبة المسجلين..
وحول المشاركة بإعادة الإعمار ذكر أنها تتطلب اليوم ثلاثة أضعاف ما كان موجوداً في سورية قبل الحرب، وكوزارة تربية نطالب برفع نسبة الطلاب المسجلين في التعليم المهني والصناعي باعتباره موضوعاً استراتيجياً للبلد إلى نسبة ٤٠% بدل من ٣٠% ونحن بانتظار الموافقة على هذا المقترح ، مع طموحنا أن يرفع هذا الرقم كل عام ١٠% لنصل إلى النسبة الطموحة وهي ٧٥% لممارسة التعليم المهني والباقي تعليم خدمات كما سماه، لأنه تعليم متمم ، فيما المهني هو المنتج وأن غنى الدولة هو بمقدار ما تنتج وتصدر.
*مسارات جديدة..
وضمن توجهات وزارة التربية هناك العديد من الاختصاصات، منها ٢٢ مساراً أساسياً حيث يضم كل اختصاص مسارات فرعية مثل ، ميكانيك سيارات الديزل، ،سيارات البنزين، ميكانيك الباصات، ميكانيك الطيران. والوزارة بصدد افتتاح مسارات جديدة أخرى منها الصناعات الغذائية ،صناعة الألبان والأجبان والمعلبات .
والصناعات الجلدية .
ففي بعض المحافظات هناك نسبة إنتاج جلود عالية وبالتالي يمكن الاستفادة منها ليس في مجال الأحذية فقط وإنما في مجالات الألبسة ، الإكسسوار، الزينة والمكتبيات، وهذه الصناعة تفتح آفاقاً جديدة لسورية للبيع محلياً والتصدير خارجاً باعتبارها مشهورة عبر التاريخ بمهارة الحرفيين ولديها المواد الأولية والبنية التحتية اللازمة.
وأضاف.. إن هذه المسارات التي نتحدث عنها معظم بناها التحتية متوافرة ذاتياً رغم الحصار وضعف الواردات والقطع النادر، ومع ذلك نحن قادرون على الاستمرار وإيجاد البدائل الممكنة ،ما يدل على أن سورية بلد الخيرات وولادة للكفاءات والكوادر والخبرات على مستوى العالم، وليس على المستوى المحلي فقط .
وحسب رأي معاون الوزير أن سورية لا تسعى إلى مكان في العالم فمكانها موجود ،وإنما الحصول على قيادة بالعالم وليس الصراع من أجل البقاء .وإن كانت الظروف قد فرضت علينا التريث في مكان ومسار معين فهذا لا يعني انسحابنا في مجال من المجالات وإنما البناء بهدوء للوصول إلى الهدف المحدد.
وإذا ما تمت الموافقة على نسبة ال٤٠% من شهادة التعليم الأساسي لدخول مسارات التعليم المهني بين أنٌ هؤلاء موزعون على مستوى محافظات القطر والمناطق والنواحي كافة مع وجود المدارس والمعاهد الصناعية والفنية وإن كانت بعض المهن محصورة بأماكن معينة حسب المكان الجغرافي أو التخصصات المطلوبة مثل النفطية بحمص ومعهد البيطرة والصناعات الكيميائية .وكذلك التصنيع الزراعي والغذائي يمكن حصره بأماكن وجود الخيرات والمزارع والحقول .
* صناعة النسيج الحريري..
وأضاف معاون وزير التربية إننا كتعليم مهني لا نفضل أن يدخل الطالب هذا الاختصاص وهو مكره على ذلك وإنما يجب أن تكون لديه أريحية بفتح المجال للراغبين ولفت الأنظار إلى هذا التخصص الرائع، منوهاً بافتتاح العديد من المسارات المهنية الجديدة لهذا العام منها” التكييف والتبريد، ميكانيك السيارات، تقنيات الحاسوب ،واختصاص صيانة أجهزة طبية بمحافظات عدة .
إلى جانب الصناعات البصرية بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث العلمية
وفي العام القادم سيكون هناك مسار جديد لصناعة النسيج الحريري ضمن مهنة الغزل والنسيج بمناطق “عين شمس ودير ماما ” في حماة ،منطقة مصياف حرصاً على التراث السوري الجميل وحرص وزارة التربية على اندماجها وانسجامها بحياة المجتمع والحفاظ على ذاكرة الوطن ، وهذه المهمة تبدأ من التربية. وانطلاقاً من ذلك نبحث عن كل المهن التراثية لفتح آفاق جديدة .
*وأوسمة للمتميزين..
كما أن الوزارة بصدد تكريم عدد من المتفوقين، وإصدار أنواع جديدة من الجوائز والأوسمة للمتميزين سواء من الطلاب والأساتذة بدعم من القطاع الخاص وبعض المنظمات الدولية حيث يتم التعاون مع هذه المنظمات لتنفيذ عدة مشاريع لتطوير التعليم المهني ، كالتعليم المزدوج الذي تم تفعيله نظراً لوجود بعض الترهل نتيجة ظروف الحرب.
وأشار في السياق ذاته إلى أن الشركات التي بقيت ملتزمة مع الوزارة ،فقد أعطيت لها بعض المزايا الإضافية ، بالمقابل غرفة صناعة دمشق أهدت وزارة التربية ميكرو باصاً جديداً لدعم التعليم المهني والمزدوج ،وهذا النوع من التعاون والتشاركية تبحث عنه وزارة التربية مع كل الفئات الراغبة بالتعاون معنا، ومن لم يرغب نحاول إقناعه بأن المصلحة مشتركة ،وكلانا في مركب واحد .
وفيما يتعلق بأعداد المهنيين لهذا العام ذكر الدكتور بني المرجة ان أعدادهم لهذا العام قليلة بشكل عام فمن أصل ١٧ ألف طالب متقدم للثانوية نجح منهم حوالي ٤٠% وهذا مؤشر أننا لا نبحث عن الكم وإنما نبحث عن الكيف وهناك مسارات ومستويات معينة يجب أن يحققها الطالب، ومن لم يتقن المهارة نساعده قدر الإمكان على اتقانها بمنحه أكثر من فرصة كي يتخرج بالمستوى المطلوب .
*نأمل من التعليم العالي..
وتأمل وزارة التربية من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رفع نسبة القبول من المتفوقين بالتعليم المهني لتشجيع باقي الطلاب و الاختصاصات على المثابرة والدراسة المجدة ، ما يعزز لديهم الأمل بمتابعة دراستهم الجامعية ،سواء بالمعاهد أو الكليات التطبيقية، والهندسية النظرية والعلمية بشكل عام ،
وفيما يخص تحضير الكوادر فإن الوزارة بصدد إقامة العديد من الدورات بغية التأهيل والتدريب المستمر لكوادر الوزارة من التعليم المهني والفني والتجاري ،حيث تم افتتاح مركز تدريب مستمر للتعليم المهني ضمن نشاط هذا العام في مدينة حمص وهو أحد ثلاثة مراكز ،سيتم تدريب المدرسين فيه لمدة تسعة أشهر يحصل فيها المدرس على شهادة دبلوم تربوي من خلال أساتذة متخصصين وخبراء محليين وأجانب ،مع توافر تجهيزات عالية المستوى ستزود بها كل المهن التي ستقوم بالتدريب عليها، والبداية ستنطلق من حمص نظراً لتوسطها وقربها من جميع المحافظات وسهولة الوصول إليها ،فيما الخطوة الثانية ستكون بحلب والثالثة بدمشق لافتتاح مراكز تدريب مستمرة للأساتذة القائمين على رأس عملهم أو الملتحقين الجدد بمهنة التعليم والتدريس المهني والتقني، مع ملاحظة أن مخابر المدارس مزودة بأحدث التجهيزات على مستوى العالم وليس على مستوى المنطقة ،كما أن الخطط موضوعة بالكامل وما ينقصنا يستدرك في الميزانيات القادمة. وإن كل شيء يستكمل بشكل تدريجي و ما هو تالف يستبدل بما هو مناسب .
*الترميم بأسلوب جديد..
ولطالما التعليم المهني يساهم بإعادة الإعمار فقد تم ترميم عدة مدارس من خلال ميزانية مصاريف الطلاب، فمصروف المواد الأولية التي يتدرب عليها الطلاب تم صرفها على الترميم أيضاً وليس التمارين فقط. أيضاً سيتم قريباً افتتاح مدرسة في حلب أنجزت أعمال الصيانة فيها من قبل أساتذة وطلاب التعليم المهني ،وهناك مدرسة أخرى قيد الإنجاز في دمشق وأخرى ستفتتح في طرطوس.
*بانتظار المرسوم الجديد.
وعن جديد التعليم المهني أوضح الدكتور بني المرجة أن الوزارة بانتظار مرسوم جديد رفعت مقترحاته إلى الرئاسة لتطوير التعليم المهني بشكل جذري في سورية، وإذا ما صدر قريباً هذا المرسوم سوف يحدث نقلة نوعية، بهذا المجال سواء بنظرة المجتمع لهذا التعليم ،والتركيز على الراغبين الحاصلين على علامات معينة للدخول إلى التعليم المهني ،ما يجعل السباق بين الطلاب حينئذ هو للحصول على مقعد في هذا الشأن باعتبار عدد المقاعد محدد أيضاً.
وعن خصوصية المرسوم ومزاياه أكد أنه سيحول المدارس المهنية والمعاهد التقنية إلى مراكز إنتاجية تجعل الطالب يتعلم و يعمل في ظروف حقيقية تجعل من المدرسة كشركة خاصة لها مجلس إدارة خاص بها ،مدير ونائب مدير ،معلم وموجه ومندوب من الطلاب ،ومحاسب من الوزارة ،وهذا المجلس له مطلق الصلاحيات والتصرف كما يشير معاون الوزير من ناحية التسعير وشراء والمواد ومحاسبة الزبون ،وفتح حساب ودفع ضريبة بشكل نظامي .
*الأرباح توزع على المدرسين والطلاب..
وفي حال عمل هؤلاء أثناء الدوام فإن ٤٠% من الأرباح توزع على المدرسين والطلاب المساهمين. وفي حال اشتغل هؤلاء بعد الدوام فلهم ٨٠% من الأرباح ،وبالتالي يصبح مركز التدريس بالتعليم المهني هو مركز طموح لأي مدرس بوزارة التربية ليصبح مدرساً بالتعليم المهني ،ما يجعل المنافسة شريفة في هذا المضمار ومجال للمقارنة ومعرفة من هو المقصر والجاد من خلال مردود هذه المدارس للوزارة .حيث سيوزع المردود بين الأساتذة والطلاب فالطالب له حصة من عمله فيما حصة الأستاذ ضعف الأجر حسب المرسوم الجديد.
*يتحول إلى منتج..
وهذه البيئة الجديدة في العمل المهني تحرر الطالب من عبء مسؤوليته على أهله إذ يتحول إلى منتج ومساعد لهم مع اكتسابه للمهارة حيث بإمكانه حين تخرجه من الثانوية ،أن يكمل دراسته، أو يفتح ورشة ،أو يلتحق بوظيفة حسب رغبته .لكن يبقى الأهم هنا هو تأهيل طلابنا ليكونوا حرفيين في المكان الصحيح يأخذون أجورهم كاملة حيث يعملون ،على عكس ضعاف الخبرة وغير الواثقين بخبرتهم فربما يستغلهم القطاع الخاص وينالون أجزاء بسيطة مما يستحقونه من الأجور .
*الاكتفاء الذاتي..
كذلك سيساعد المرسوم المقترح بدعم البنية التحتية للوزارة من حيث الاكتفاء الذاتي من خلال الاستفادة من تحويل مصاريف تمارين التدريب والمواد التي تهدر، كصناعة الخشب وبوردة الحديد والالكترونيات والكهربائيات ومواد الخياطة بحيث تصبح قابلة للاستخدام والاستثمار واسترجاع قيمتها وشراء بديل عنها مباشرة .
باختصار يمكن القول إن المعاهد الصناعية والتقنية والتجارية والمدارس الإنتاجية من فنية ونسوية والتي تركز عليها الدولة اليوم من خلال الوزارات المعنية حيث تمثل مئات الحرف والمهن كمشاريع صغيرة ومتوسطة فاعلة ونشيطة ركيزة أساسية تنهض بالعديد من الأعباء الوطنية، الاجتماعية والاقتصادية والتربوية.