الثورة أون لاين – لمى يوسف:
تحية وفاء لروح الدكتور وفيق سليطين.. وإصدار جديد بعنوان (حب في زمن الكورونا)،
تم توقيع المجموعة القصصية الرابعة للأديبة نور عمران، بدعوة من المركز الثقافي العربي في اللاذقية.
استهلت الأديبة عمران الحديث عن المبدع الراحل د. وفيق سليطين بكثير من الألم والحب والوفاء والدموع، والذي أهديت لروحه المجموعة القصصية.
قدمت القاصة لعائلة الراحل وفيق سليطين توقيعها الأول مع بورتريه له، تلاه تواقيع الأصدقاء.
وليبقى د. وفيق حاضراً بشعره تم توزيع قصيدة جاء فيها:
– هذا أنا
لم يبق مني غير ما ترك الغراب
أخبار مملكة السراب وملحها..
صورٌ يمور بها التراب..
وتهتاج الجذور،
قرأتها…
وأنا الكتاب!
هل أنت بعض دم السراب؟
أقول لي….
ويجيبني عني دم يخضر في الأحشاء،
يكتبني هنا…
في غيمة نفر الحنين بها..
فغابت..
واستقر بها الغياب..
تخلل توقيع الإصدار إضاءات نقدية تناول فيها الأساتذة (د. زكوان العبدو- د. فيروز عباس، أ. قصي عطية) القصص من جوانبها كافة.
• انتصار الحب..
تعامل د. زكوان عبدو مع المجموعة القصصية على المستوى الأدبي العام بما يحمله النص الإبداعي من مقومات عامة خارج الجنسنة. يقول: مجرد قراءة العنوان (حب في زمن الكورونا) يحضر إلى الذهن (الحب في زمن الكوليرا) لغابيريل ماركيز، فهل من تناص قصدته الكاتبة؟ أم أن شغف الحالة دفعها إلى ذلك.؟ ربما لا غاية لها بمقاربة عنوان الرواية، وربما العنوان نقطة انطلاق لتأسيس العتبة الأولى لجامع نصوصها، وخاصة أن الكورونا والكوليرا وباءان يسببان الموت، وفي الوقت نفسه نلمس إعلاناً لانتصار الحب على الوباء/الموت.
متابعاً: اشتغلت الكاتبة على لغتها بعناية فشعّت شعريتها في الحلمي والجمالي، وجاء في السرد الواصف كاشفاً لدواخل الشخصيات من مثل صورة العم في (خيط الحياة) ومبلوراً صور الجمال كما في (كعب عال).
والحوار جاء لكشف وعي الشخصيات، وإقامة الجدلي لحسم الصراع حيناً، والتعايش مع الموقف أحياناً آخر، ففي (ألوان الحب) قدم الحوار احتمالات ارتباط سهيل بغنوة، وفي (لقد وقعت في غرام أستاذي) نجد حوار الأم مع ابنتها منال لاستيعابها كما في المثال الآتي عندما أخبرت منال أمها بحبها لأستاذها وكيف شعرت بالحب:
“الأم: صفي لي هذا الشعور يا منال.
لا أعرف.. إنه شيء ما أشعر به مثل ألمٍ في معدتي.
ضحكت الأم مجدداً.. الحب يتملك القلب وليس المعدة، ربما أنت جائعة تعالي نعد الغداء، ونتحدث في أمر أستاذك.”
ويظهر المونولوج والتداعي وسيل الوعي في القصص من مثل ما في قصة (الحب في زمن الكورونا)، وأيضاً يظهر السارد متحدثاً عن نفسه ومشاركاً في الأحداث كما في (عذراً أيها الحب)، ويظهر الاسترجاع في القصص كما في (لقد وقعت في غرام أستاذي) و(تذكرت نهاراً خريفياً) واسترجاع نهلة حادثة اعتداء عثمان عليها في قصة الآنسة سين) كما يظهر أثر الثقافة تراثاً وأدباً وأسطورة في القصص…
• صراع وجدل..
د. فيروز عباس: من اللافت احتفاء المجموعة بتعدد الأصوات لخدمة البؤرة السردية الكليّة التي تنظم وفي سياقها قصص المجموعة كلها، وهذه ضرورة فنية لعملية التبئير التي تكثف وعي الشخصيات المتباينة حيناً والمتقاربة حيناً آخر لتقديم الرؤية الفنية والمحافظة على البناء الدرامي القائم على الصراع والجدل لإبراز المفارقات التي يقوم عليها الواقع.
وأضافت: إن كاتبة (حب في زمن الكورونا) تدور في فلك القصّ النسوي، وتركز على قضايا المرأة ومشكلاتها في المجتمع، ففي أول قصة (خيط الحياة) تسترجع الساردة (وهي قناع الكاتبة) التي تتماهى مع البطلة وتسرد بضمير (أنا) هجاء للوعي الذكوري الذي يقمع والدتها الأرملة التي تُرغم على الزواج من شقيق زوجها حتى لا تطرد مع طفلتيها إلى الشارع، وعند الزوج تعاني من مصاعب كثيرة إذ تضطر لوضع خيط يتدلى من طرف ثوبها حتى تشده الساردة بعد سماعها لصوت شخير عمها لتطعمها والدتها الطعام الذي لم يستطع عمها حشره في بطنه، وتتخلى الساردة عن فكرة هروبها بعد موت والدتها لتكمل دورها من أجل أختيها الصغيرتين. وفي قصة (أمومة) يقدم السرد الموضوعي تكراراً نمطياً لشخصية البنت التي تتابع دور أمها في التضحية من أجل أولادها متخذة من (الطبق) هدية أمها لها متكأً ترى فيه أحلام أولادها.. عمل معبر عن صوت قصصي نسوي جديد آمل أن يتوج بالنجاح.
• استرجاع واستذكار..
تساءل أ. قصي عطية في حديثه عن بعض نصوص المجموعة القصصية المعنونة بـ (حب في زمن الكورونا) كيف رتبت الكاتبة عمران حوادث قصصها، وهل نجحت في خلق عنصر التشويق عند القارئ، وهل كانت الأحداث مفتعلة أم إنها تنساب بعفوية وإتقان.
وأوضح: إنها استقت حوادثها من الواقع (واقع الحرب) ففي قصة (كعب عالٍ) بدأت قصتها بتقنية الاسترجاع أو الاستذكار، على لسان البطل وهو طبيب تخبره زوجة أخيه /هند/ بأن حبيبته /هيفاء/ التي كان يحبها قبل أن يتزوج منذ عشرين عاماً قد عادت، تستفيق الذكريات وكأن الزمن متوقفاً عند الصورة التي استعادها لهيفاء بحذائها الأحمر ذي الكعب العالي، وأنوثتها الاستثنائية، ولا يستفيق إلا على صوت /هند/ ليقارن بين خشونتها وأنوثة هيفاء.
تعمدت الكاتبة إخفاء بعض التفاصيل عن القارئ، وعن البطل أيضاً، لتفاجئ الاثنين معاً، أرادت هند من الطبيب أن يقرأ المنشور في صفحتها على الفيسبوك، فهي أمين سر جمعية الأمل لشؤون جرحى الجيش والمقعدين، وتسترسل الكاتبة مرة أخرى في وصف البطل مرة أخرى لعيني هيفاء، إلى أن يكتشف ما هو مخبأ. لتبلغ الأحداث ذروتها حين تقول الكاتبة عن لسان البطل.
تتكشف الخيوط أمامه، وأمام القارئ حين يعلم أنها إحدى المصابات في الحرب، هو الذي انتظر عشرين عاماً بعد سنوات حبّ جارف، لتعود الآن، ليست نادمة على فراقه، وليست مطلقة كما توهم، تعود مريضة، وتريد هند أن يجري لها عملية ويركب طرفين اصطناعيين، لكنه يعتذر لأنه لا يحتمل أن يراها ضعيفة عاجزة، بل سيرشح أحد زملائه للمهمة. أخفت الكاتبة هذا الأمر إلى النهاية، والتي فسرت بدورها ما قامت به من خلال البطل حين استرسل في وصف ساقيها، وكعبها العالي، ليكون التشويق عنصراً فعالاً يؤدي دوراً صادماً. فتقول الكاتبة في النهاية: (وأنا أسمع طوال الوقت صوت كرسي مدولب يسير في شوارع خالية إلا من أنفاسي) إنه (حب في زمن الحرب).
تجدر الإشارة إلى أن للكاتبة نور عمران ثلاثة إصدارات (من ذاكرة الورد، لوعة ما قبل الرحيل وتشكيل)