الثورة أون لاين – ترجمة غادة سلامة:
في أيلول سبتمبر الماضي من العام الماضي، عقد رئيس الحكومة اليونانية قمة مع “يانغ جيت شي” عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وأكدوا على ضرورة تعزيز العلاقات الثنائية، وفي عام 2019 قام شي بزيارة رسمية إلى أثينا، حيث التقى ميتسوتاكيس والرئيس اليوناني آنذاك بروكوبس بافلوبولوس، واليونان هي عضو في مجموعة 16 + 1، وكانت هذه الزيارة بمثابة مبادرة صينية لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين بكين وستة عشر دولة في وسط وشرق أوروبا.
كما يوجد في اليونان معهدان من معاهد كونفوشيوس الصينية، أحدهما تأسس عام 2009 في جامعة أثينا للاقتصاد والأعمال، والآخر افتتح في 2018 في جامعة أرسطو في ثيسالونيكي.
وليس من المستغرب أن بكين تريد روابط أوثق مع أثينا، وأن الوجود الصيني القوي في حوض البحر الأبيض المتوسط يمكن أن يرسخ لعلاقة اقتصادية وتجارية أكثر قوة مع اليونان التي تعتبرها الصين منذ فترة طويلة صلة الوصل بينها وبين جنوب ووسط أوروبا، ما يعزز موقع الصين عالمياً ويوسع انتشارها اقتصادياً وتجارياً في هذا الموقع الذي يضعها وبقوة على عتبة الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وفي البلدان التي تقع أيضاً خارج هياكل التحالف الأوروبي، ولكنها قريبة بما يكفي من أوروبا، حيث يمكن استخدام قوة الصين الاقتصادية لتشكيل علاقتها مع أوروبا اقتصادياً وتجارياً كما تراه بكين مناسباً لها.
لهذه الأسباب، فإن قرار ميتسوتاكيس المبكر بحضور حفل افتتاح الأولمبياد في بكين مدعاة للقلق لأمريكا ولبايدن شخصياً، وهو دليل كما يقول كاتب المقال على أن القوة الناعمة الصينية تعمل على تليين أوروبا؟ بينما يعرب حلف الناتو كمنظمة عن قلقه المتزايد بشأن الصين، لأن الممثل الدائم لليونان لدى الناتو، سبيروس لامبريدس، بدأ لهجة أكثر وضوحاً تجاه علاقة اليونان مع الصين.
إن تصريحه المؤكّد بأن اليونان اختارت شريكاً استراتيجياً وتجارياً أفضل لبلدهم، مع وفاء اليونان بالتزاماتها مع المنظمات الرئيسية، وهي الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي”، وتابع لامبريدس كلامه قائلاً: “انضممنا إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية في مشروع ملموس للغاية وعلى المدى البعيد، ننظر إلى ذلك كعلاقة استراتيجية، وبالتأكيد لن نتخلى عنها أبداً، فقط لأن الآخرين يفعلون ذلك” هذا مجرد تجاوز للحقيقة الصعبة، وأن اليونان، منحت بكين حق الانتفاع من ميناء أوروبي رئيسي من خلال السماح لشركة الشحن الصينية العملاقة كوسكو بالاستثمار التجاري لميناء بيرايوس، بالرغم من التحذيرات الأوروبية لليونان لتغريدها خارج السرب الأوروبي من خلال علاقتها مع بكين.
لقد أصبح من الصعب على اليونان القول “لا” لبكين، الأمر الذي يجعل من الصعب على الأوربيين إعادة اليونان مرة ثانية إلى أوروبا التي جلبت لها الأزمات المالية والاقتصادية، ولا يمكن للولايات المتحدة أن تنفصل عن الجهود المبذولة من قبل الأوروبيين أنفسهم للحفاظ على أوروبا كاملة وتحت سيطرتها تخوفاً من تقدم المارد الصيني باتجاه أوروبا.
وأن الرئيس جو بايدن يريد أن يستمر في وضع اليونان تحت الضغط بشأن قضية 5G المرتبطة بالصين، لأن الولايات المتحدة تريد أن تقود جهود الاستثمار في القطاعين العام والخاص في أوروبا من أجل خدمة مصالحها.
فالدعم الأمريكي لمبادرة البحار الثلاثة هو مجرد مثال واحد لما يمكن أن تحققه واشنطن إذا أخذت على محمل الجد التحدي وفرصة الاستثمار في أوروبا.
أخيراً، تريد الولايات المتحدة الآن أن تدعم الجهود المبذولة لمقاطعة أولمبياد بكين دبلوماسياً، ودعوة المجتمع عبر الأطلسي بأكمله، بما في ذلك اليونان، لفعل الشيء ذلك والابتعاد عن الاستثمارات الصينية والبضائع الصينية.
بقلم: ستيفانو جراتسيوسي
المصدر: ناشونال انتريست
