في معترك الحياة ثمة معايير مجتمعية يقاس فيها الذوق العام ويتأطر في مضمارها ثقافة عامة تنتجها مهارات التربية وجملة العادات والتقاليد المتراكمة على خلفيات حضارية انتجتها تجارب الشعوب في تفاصيل مختلفة، ليبقى الرابط الحقيقي والمؤثر في وجدان الأمة بلا منازع، هي منظومة القيم والأخلاق والمثل العليا، حيث تستأثر بالنصيب الأكبر من خلاص المجتمع والحفاظ على توازنه وقوته وحصانته وانسجامه .
فلا شك أن روح ومصداقية هذه القيم أكثر مايؤثر في جلالة معانيها مايطرأ على المجتمع من ظروف وأزمات ضاغطة ومفتعلة، حين تكون الحرب العدوانية ذاك القوس الناري الملتهب والملتهم لكلّ شيء نبيل وذي قيمة ومأثرة عند الأفراد والجماعات.
فالحروب بشكل عام لاتنتج أخياراً ومصلحين بل تنتج أمراء حرب، ولصوص مرتزقة، يقتنصون الفوضى وغياب ربما بعض الأدوار التنظيمية الضابطة لهيبة الدولة والمجتمع من قبل العديد من المؤسسات المعنية، متغافلين عن صحوة ضميرهم حين يكون الوطن في خطر فيؤجرون مالديهم من محرضات إحساس،إن لم يكونوا مطية للاعتلاء و سلوك ماينافي الواقع من كبائر وسلبيات تتأرجح فيها القناعات الشخصية بين السيىء والأسوأ.
لقد أدخلت الحرب العدوانية السوريين في دوامة التحدي ،وهدرت الكثير من مقدراتهم، وأضاعت ما لايحصى من منجزاتهم ومكتسباتهم، على مدى عقود من الزمن، وأفرزت صالحهم من طالحهم وعميلهم من أمينهم، خيرهم من شرهم، في معركة الانتماء بين الوعي واللاوعي، لتبدو لنا أن القيم والأخلاق وعقدية حب الوطن هي الرباط الأكثر أنساً وإنسانية وجرأة وصلابة في معيار البقاء والحفاظ على بلد ووطن قدّم لنا وبسخاء كلّ شيء ،فيما يحاول بعض الأغبياء بل كثيرهم ،أن يمزقوا شرايينه لغاية اللحظة بممارسات وقرارات عشوائية ليضعفوا جسده وهو الذي اكتسب عوامل القوة بإرادة الشعب المحب بلا منازع ،رغم كم الفواجع اليومية ،مفوتاً على المراهنيين نظرية الخسارة والانكسار .لأنه في حضرة الأخلاق، يبقى الضمير الحي مفتاح الأمل والعمل للنجاة بقضية وطن ومجتمع عادلة تغرسها ثقافة الحياة الصحيحة فهل من يعتبر ويتعظ في ملاءة اللامبالاة ؟.
عين المجتمع- غصون سليمان