يتصدر المشهد الأفغاني الأنباء وتكثر وتتنوع التحليلات حول تفاصيله وانعكاساته، الرؤى والتحليلات السياسية لما سيؤول إليه حال بلد احتلته أميركا عقدين زمنيين بمزاعم تقليم مخالب الإرهاب أو طبعاً ليس اقتلاعه، ثم تركته في مواجهة عواصف الإرهاب الذي لم تنقطع يوماً من مد شرايين نموه وبقائه واستخدامه فزاعة لتهديد دول الجوار، إذ لا تنحصر المسألة فقط بسيطرة (طالبان) السريعة على المدن والبلدات الأفغانية وسقوط كابل بأيدي إرهابيي الحركة، وتخلي واشنطن عن حلفائها وطعنهم في مقتل تبعيتهم، بل تتجاوزه إلى فكرة أكثر أهمية وهي، أن واشنطن تدرك تماماً أي سيناريوهات تنفذ بعيداً عن ترهات ادعاءاتها وتصريحات مسؤوليها المغلفة بالذهول والصدمة من تسارع سيطرة طالبان على البلاد ومعارضة بعض السياسيين الأميركين لسلوك قيادتهم الأرعن، فهذه التصريحات معدة للتسويق الإعلامي وللاستهلاك السريع بعيداً عن الخبايا والخفايا التي يجري كتمانها والتعتيم عليها أميركياً بخبث ولايتم وضعها تحت مجهر كشف الغايات الأميركية المرادة من وراء الأحداث الجارية.
المتابع والمتمعن في تفاصيل المشهد الأفغاني يدرك جيداً كيف تلغم واشنطن المشهد العالمي وتفخخ الخريطة الدولية بديناميت الإرهاب ذخيرة تعدياتها ومطية تدخلاتها السافرة في شؤون الدول واستباحة حقوق شعوبها، فأميركا بجموحها الإرهابي وإن خاتلت وخادعت وادعت بعكس قباحة نياتها، لايمكنها أن تختبئ خلف أصابع ادعاءاتها وتخفي جرائم استثمارها بالإرهاب ومتاجرتها بحقوق الانسان.
فعندما خرج رئيس إدارتها الحالي جو بايدن للتنصل من مسؤولية الأحداث ومحاولة المواربة والتمويه على أن ما جرى هو بحبكة أميركية وإخراج هزلي قائلاً (لم نأتِ لأفغانستان لبناء دولة) فهو أصاب كبد الحقيقة، فأميركا لا تغزو الدول لمساعدتها للتخلص من إرهاب هي صنعته ومولته وتغذيه ليبقى ويتمدد لتستثمر بمخرجاته وتبعاته، أجل اميركا لا تبني بل تزرع بذور الإرهاب لتحصد القوضى وتصب زيوت الاشتعال على نار الأزمات على امتاد الخريطة الدولية، لتصطاد في عكر تداعياتها.
العربدة الأميركية على اتساع الخريطة الدولية لن تتغير فهي إسلوب إداراتها المتعاقبة للتعدي والتمدد الإرهابي والاحتلالي أينما إداراتها، إن ثمة أرباح ومكتسبات أو تهديدات لدول تدرك جيداً تعاظم بروزها كأقطاب جديدة لها ثقلها في الميزان العالمي، وما يجري في أفغانستان وما يجري في منطقتنا من جرائم وانتهاكات أميركية وقفز فوق المواثيق الأممية وتطاول على القانون الدولي، أكبر دليل و برهان على أن أميركا بيت الداء العالمي الإرهابي.
حدث وتعليق- -لميس عودة