أتى المشهد الأفغاني على ما تبقى من (المشروع الأميركي) الذي باتت تتنازعه رياح الهزائم والإخفاقات المتتالية والمتدحرجة في المنطقة والعالم.
وفي الوقت الذي بات يؤكد فيه انسحاب القوات الأميركية وعملائها وأدواتها وجواسيسها، وما تبعه من صور الهروب الجماعي للأفغانيين على أجنحة الطائرات الأميركية !؟، فشل المشروع الأميركي في أفغانستان والمنطقة برمتها، بدا واضحاً على الضفة الأخرى صوابية السياسة السورية في تشريح وتوصيف وتشخيص الاستراتيجية الأميركية التي كانت ولاتزال ترتكز وتقوم على الاحتلال والغزو والاستعمار ونشر الإرهاب والخراب.
في الدلالات والأبعاد فإن ما جرى في أفغانستان، أضحى يؤكد أن الإستراتيجية الأميركية على المستوى الخارجي قد دخلت في مرحلة الاحتضار وباتت في مهب الريح، وهذا باعتراف الكثير من السياسيين والمسؤولين الأميركيين، لأن ما حصل في هذا البلد المحتل أميركياً منذ أكثر من عشرين عاماً، كشف المستور وأكد المؤكد وهو أن الثوابت والقيم والشعارات الأميركية ليست إلا مجرد كذبة ادعاءات وأداة لاحتلال وغزو الدول والشعوب من أجل نهب وسرقة خيراتها وثرواتها، وأن المصلحة الأميركية فوق كل الاعتبارات والحلفاء والأصدقاء والأدوات والأتباع الذين سرعان ما يصبحون مجرد وقود ومداس للأميركي عندما تحين لحظة الهروب أو الانسحاب.
صحيح أن الولايات المتحدة قد انهزمت في أفغانستان كما انهزمت في سورية مع وجوب ملاحظة الفوارق بين الأمرين، وصحيح أن استراتيجيتها قد دخلت على الصعيد الداخلي في مرحلة من المراجعة الضرورية والحتمية لما حملته من خسارات وهزائم معنوية وسياسية واقتصادية على الشعب الأميركي، لكن المؤكد أنها أي أميركا، قد ربحت كثيراً لأنها كعادتها وكما فعلت في كل بلد احتلته خلفت وراءها فوضى عارمة وخراباً كبيراً، والأهم أنها تركت وراءها (دولة) من، وقد هيَّأت لهم كل أسباب التوحش والإجرام والإرهاب والتمدد وإثارة الهلع والفزع والتوتر في كل دول الجوار والعالم، وهذا يعني في الأبعاد المستقبلية أن العالم مقبل على موجة جديدة من الإرهاب الأميركي قد تكون هي الأخطر على الإطلاق.
من نبض الحدث – فؤاد الوادي