بقلم مدير التحرير أحمد حمادة:
لم يأت رئيس تحرير “ويكيليكس” بجديد حين قال منذ يومين “إن وسائل الإعلام الغربية متواطئة بإخفاء حقيقة الحرب على أفغانستان”، ولم يأت بجديد حين أكد أيضاً أن الانسحاب الأميركي المتسرع من هذا البلد لا ينبغي أن يفاجئ أحداً، فالقاصي والداني يدرك حقيقة إعلام الغرب، الذي امتهن التضليل، وابتعد عن الحياد والموضوعية، وكل العالم يدرك حقيقة ارتباطه العضوي بدوائر الاستخبارات الغربية ومراكز القوى و”اللوبيات” التي تسيطر على اقتصاد أميركا والعالم الغربي برمته.
كريستين هرافنسون، وهو رئيس التحرير المذكور، لم يأت بجديد أيضاً وهو يتحدث عن قدرة واشنطن على خداع العالم لعقدين من الزمان، أي فترة احتلالها لأفغانستان بذريعة محاربة الإرهاب ومطاردة القاعدة، فكل العالم يعرف تفاصيل الخديعة والكذب والتضليل والقفز من فوق سور الحقائق الدائم.
من هنا فإن الفضائح والتسريبات التي بدأت تطفو على السطح عن جرائم أميركا وأهدافها في أفغانستان لم تعد جديدة بنظر أحد، وربما الشيء الجديد الوحيد فيها هو توثيقها للتاريخ، والتي يؤكدها اليوم “هرافنسون” بقوله إن الحرب التي شنتها واشنطن على الإرهاب كانت كذبة كبيرة لم يستفد منها سوى المجمع الصناعي العسكري الأميركي ومقاولو القطاع الخاص، لكن وسائل الإعلام الرئيسة حول العالم لم تدرك الأكاذيب الغربية حولها.
كما أن هذه السياسة العدوانية والمضللة تنطبق بنظرنا على كل الأزمات والحروب التي تديرها واشنطن في العالم ، وجرائم أميركا في أفغانستان هي تماماً جرائمها في سورية والعراق وليبيا والكثير من الدول والشعوب المنكوبة بالسياسات الأميركية، والتي لا تحتاج إلا إلى التوثيق ومطالبة المحاكم الدولية بفتح ملفاتها، رغم تواطؤ هذه المحاكم مع واشنطن وتنفيذ رغباتها.
أيضاً فإن الحقيقة التي يمكن لنا البوح بها، ومن غير تردد، أن وسائل الإعلام الغربية لم تكن متواطئة بإخفاء حقيقة الحرب على أفغانستان فقط، بل تواطأت بإخفاء حقيقة الحرب العدوانية على السوريين وحصارهم وتجويعهم وإرهابهم وتهجيرهم، وأخفت الحقائق والوقائع وحاولت تضليل العالم بأكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان، والأمر ذاته ينطبق على العراق وليبيا وكل بقعة غزتها أميركا ودمرتها في هذا العالم.