الثورة أون لاين – تحقيق – سهيلة إسماعيل:
من يرى الازدحام في مديرية التربية بحمص مع بداية العام الدراسي الجديد يخال أنه في إحدى صالات السورية للتجارة وقد وصلت للتو رسائل السكر والأرز؛ وليس في مؤسسة تعليمية, يفترض فيها أن تكون قد أنهت جميع الأمور الإدارية, من تشكيلات للمعلمين وتجهيز مدارس لكل المراحل الدراسية وتنقلات وغيرها من إشكالات من شأنها أن تعوق انطلاقة نظامية وصحيحة للعام الدراسي في محافظة متعافية منذ سنوات.
ومع ذلك عند زيارتنا لمدير تربية حمص, “طلب منا أن نتريث قليلاً قبل أن نحكم على خلل هنا أو هنّات هناك، ربما على مبدأ أن الخطوة الأولى دائماً صعبة”، وكأنه لم يكن أمام المديرية بكوادرها الإدارية والفنية المتسع من الوقت لإنجاز أعمالها تجنباً للازدحام الحاصل في وقت يتربص فيروس كورونا بالبلاد والعباد.
مع الإشارة إلى أن حال المدارس في أحياء المدينة ليس أفضل من حال المديرية التي يتبعون لها مع وجود فوارق تفرضها طبيعة ومهام كل جهة ولا سبيل للمقارنة بينهما.
وسنحاول هنا عرض ما رأيناه وسمعناه سواء في المدارس أم المديرية ومن الصحة المدرسية باعتبارها الجهة المخولة بتأمين الحد المقبول من نظافة المدارس حفاظاً على صحة التلاميذ والطلاب والكادر التعليمي برمته.
*مديرو المدارس: اشترينا معقمات ومنظفات من حسابنا..
كانت بدايتنا من ثانوية الشهيد عبد الوهاب الأسعد للبنات في حي وادي الذهب حيث أكد كادرها الإداري أنه حتى الآن لم يتم استلام أي معقمات أو منظفات لتعقيم خزانات مياه الشرب في المدرسة, أو أي معقمات لتوزيعها على الكادر التعليمي ضمن الإجراءات الوقائية للتصدي لفيروس كورونا. وإنما تم تنظيف الخزانات وتعقيمها من حساب الكادر الإداري في المدرسة.
*ازدحام الشعب الصفية..
أما في مدرسة الشهيد محمود للتعليم الأساسي فقد عرفنا من مديرتها بثينة شعبان أن المستخدم في المدرسة نظّف خزان المياه وعزّله قبل افتتاح المدارس بثلاثة أيام وكان أسفله مليئاً بالأوساخ (الصورة الموجودة جانباً), ولم تستلم المدرسة أي شيء من المواد المنظِّفة أو المعقمة من مديرية التربية, وتعاني المدرسة من ازدحام في الشعب الصفية حيث يبلغ عدد التلاميذ في كل شعبة بحدود الـ 50 تلميذاً وتلميذة, وتلقينا وعداً منذ العام الماضي من مديرية التربية لإجراء تسوية واسترجاع غرفة من الغرف الصفية المخصصة للأنشطة التطبيقية وعددها ثلاث غرف (اثنتان للطلائع وواحدة للحاسوب), لكن حتى الآن لم يُنفذ الوعد, وتضيف شعبان: يجب أن تكون مصلحة التلميذ التعليمية أولوية وأهم من الترفيه, فالمدرسة تضم 17 غرفة صفية واقتطعنا مساحة من إحدى الممرات في الطابق الثالث لتخصيصه كمكتبة للمدرسة نظراً لضيق المكان, والغريب في الأمر أن مادة المعلوماتية ألغيت من برنامج الصفين الخامس والسادس, فلماذا تبقى الغرفة محجوزة بذريعة أنها للمعلوماتية؟.
أما بالنسبة للكتب المدرسية فأكدت شعبان أنها متوفرة جميعها وجديدة ووزعناها على التلاميذ في الأيام الأولى لبدء العام الدراسي.
* عدم توفر الكتب لكافة المواد..
وفي إعدادية الشهيد أحمد عارف سلمان للذكور تفوح رائحة المنظفات في الممرات فاعتقدنا أن مديرية التربية تدعم المدرسة بالمنظفات, لكن سرعان ما عرفنا من مديرتها إلهام مهنا أنها اشترت المنظفات من حسابها فهي لا تقبل أن تداوم في مدرسة قبل تنظيفها, لكن المدرسة تعاني من الازدحام في الغرف الصفية, وهي تضم خمس شعب للصف السابع ومثلها للثامن وست شعب للصف التاسع, وفي كل شعبة يقترب عدد الطلاب من الخمسين طالباً, حتى أنه في بعض الشعب يجلس أحد الطلاب على كرسي, والازدحام الكبير يؤثر سلباً على سير العملية التعليمية فلن يستطيع المدرس أو المُدرسة إعطاء الدرس حقه بوجود أعداد كبيرة من الطلاب داخل الصف, ومع ذلك ما زالت مديرية التربية تنقل بعض الطلاب إلى المدرسة وتعطي موافقات للأهالي بهذا الخصوص…!!, أما بالنسبة للكتب المدرسية فلم يتم استلام جميع الكتب من مستودع الكتب المدرسية, واستغربت أمينة مكتبة المدرسة عدم توفر الكتب لكافة المواد لأن الأهالي يأتون بأعداد كبيرة للمطالبة بكتب لأبنائهم وخاصة بالنسبة لمواد اللغتين الفرنسية والإنكليزية واللغة العربية للصف التاسع حيث لم يتم استلامها حتى الآن …!!
تربية حمص: نعمل لتلافي السلبيات..
وخلال لقائنا بمدير تربية حمص “وليد المرعي” وطرح الملاحظات التي رأيناها في المدارس (الازدحام – النظافة- الكتب) أكد أن ما يحصل في بداية العام الدراسي عادي سواء بالنسبة لتنقلات المدرسين والمدرسات أو توزيع الطلاب على المدارس, وأن المديرية عملت على نحو نظري قبل بدء العام الدراسي, لكن الصعوبات تبرز عند البدء عملياً على أرض الواقع, مشيراً إلى وجود 1580 مدرسة في حمص؛ ومؤكداً استعداد المديرية لإيجاد حلول مناسبة لأي مشكلة تبرز وفي أي مدرسة ضمن المدينة أو في أي مجمع تربوي في مناطق المحافظة, مشيراً إلى ضرورة مبادرة مديري المدارس لحل بعض الإشكالات كنقص المياه أو سوء الصرف الصحي والحمامات في المدارس والاتصال مباشرة مع الجهة المعنية في التربية؛ وعدم الاعتماد على إرسال الكتب وتقديم الطلبات وانتظار الرد عليها. فالنظافة في هذا الوقت أهم من الدرس ضمن الصف, وكل مشرف مجمع مسؤول عن الواقع الصحي ضمن المدارس التابعة للمجمَّع, ولدى مديرية التربية بحمص 2000 مشرف صحي موزعين على المدارس. وأكد أن المديرية وزعت معقمات على بعض المدارس وريثما تصل بقية المواد سيتم توزيعها على المدارس الأخرى.
وأضاف “المرعي” أنه مع بداية العام الدراسي تم الانتهاء من تأهيل 20 مدرسة كانت خارجة عن الخدمة بسبب تخريبها خلال سنوات الحرب وهناك 136 مدرسة قيد الصيانة, نأمل أن ينتهي العمل فيها مع نهاية العام الحالي, تم تقديم تسهيلات للمدرسين المعينين في المناطق البعيدة لترغيبهم بشتى الوسائل.
وبخصوص المواد الدراسية التي غيرتها الوزارة أو أجرت تعديلاً عليها قال المرعي: أجرينا دورات لمدرسي تلك المواد, وأصبحوا مؤهلين لإعطائها.
أما عن تنقلات الطلاب بين المدارس وكثافة الطلاب في بعض المدارس فنوه المرعي إلى صلاحية مدير المدرسة حيث يستطيع أن يقدِّر إمكانية استيعاب طلاب جدد أو لا. وعملية قبول أو رفض الطلاب تعود لمدير المدرسة. وتعمل المديرية على إجراء تسوية في كل المدارس وإذا بقيت الكثافة موجودة فسيتم اللجوء إلى الدوامين.
وعن نقص الكادر التدريسي في بعض المدارس أشار المرعي إلى أن التربية أصدرت 90% من التشكيلات قبل بداية الأسبوع الإداري على دفعتين, وعندما يتأخر أي مدرس عن الالتحاق بعمله فهو يتأخر على مسؤوليته, وتسعى التربية لعدم ترك أي شعبة صفية خالية.
الصحة المدرسية: تأخير لوجستي..
بعد لقائنا بمدير التربية اتصلنا هاتفياً بمدير الصحة المدرسية الدكتور “غياث عباس” وعرفنا منه أن دائرة الصحة المدرسية تنتظر تنفيذ العقد الموقع مع منظمة اليونيسيف بخصوص المعقمات والمنظفات للوقاية من فيروس كورونا, ونحن بانتظار توقيع العقد ليتم توزيع جميع المواد على المدارس؛ أي أن التأخير لوجستي ولا علاقة لنا به.
“تناقض واضح..
في أغلب المدارس التي زرناها شاهدنا لوحة تتضمن تعليمات للوقاية من فيروس كورونا وبعض المعلومات الأخرى وهي ظاهرة إيجابية لكن من غير الإيجابي والمعقول أن تكون مدارسنا في هذا الوقت غير مؤهلة تأهيلاً كافياً لاستقبال التلاميذ والطلاب في زمن كورونا وأن تنتظر الصحة المدرسية المنظمات العالمية لتحقيق أدنى شروط الوقاية من الفيروس وهي التعقيم…!!