الاعتراف بالمشكلة هو نصف الحل.. وهو بداية الطريق إلى الحل الصحيح.. وعندما يخرج القائمون على قطاعنا العام الصناعي ليعلنوا أمام الملأ أن من أهم المعوقات التي تقف حجر عثرة في طريق انسياب وتصريف منتجاتهم “بالشكل والأسلوب والكميات المطلوبة” هو غياب ثقافة التسويق بشكل شبه كامل عن المشهد العام التجاري، فعندها لا نكون أمام مشكلة أو طامة كبرى يصعب فك رموزها أو حل شيفرتها البسيطة لا المعقدة، وإنما نكون قد نجحنا “نظرياً” في تشخيص الحالة، وخطونا “عملياً” الخطوة الأولى على طريق المعالجة.
من هنا، من مشكلة غياب التسويق ننتقل إلى إصرار وتمسك أصحاب القرار الصناعي الإنتاجي “السابقين والحاليين” بالآلية التقليدية لتعبئة وتغليف وعرض المنتج الذي يضاهي بجودته “كنار ـ سارـ دهانات أمية ـ السجاد ـ ألبسة الشرق… على سبيل المثال لا الحصر”، الكثير من منتجات القطاع الخاص التي نجحت في الدخول وبقوة على خط مزاحمة وتسويق ومنافسة منتجات القطاع العام وخطف قسم غير هين من عملائها الذين مازال البعض منهم يبحثون “في كومة قش” للحصول على ما يتيسر لهم من هذه المنتجات الغائبة وبشكل شبه كامل ليس عن ذاكرة المواطن وإنما عن واجهة المحال التجارية والمولات والأسواق.
هذه الكلمات كلها وغيرها، تقودنا إلى حقيقة واحدة لا ثان لها، ألا وهي الاعتراف بأن آلية وطريقة وأسلوب التعاطي الحالي “أكل عليها الدهر وشرب”، وأن العقلية والنمطية التي مازالت سائدة “رغم الدعم الكبير الموجود” يجب أن تنقلب رأساً على عقب، لنتمكن من الذهاب أبعد مما نحن عليه الآن وسلوك درب التاجر “الشاطر” الذي يتقن جيداً فن دراسة فئة العملاء المستهدفين وأذواقهم، وخصائصهم وسلوكياتهم وعاداتهم الحياتية والشرائية، والتعرف على احتياجاتهم ورغباتهم وتطلعاتهم، وتوجيه جهود معملهم أو شركتهم نحو إنتاج السلع والخدمات التي تشبع هذه الرغبات، بالكم وفي الوقت وبالجودة الملائمة، وإعلامهم بتوفر السلع، وتوجيه جهودها نحو استخدام الأساليب الملائمة لكل من المنتج والعميل وقياس رضاه وإضافة عملاء جدد، وهذا لا يتطلب إلا اتباع خطوات مترابطة، بسيطة في ظاهرها، عميقة في محتواها، تحول دون دخولنا مجدداً مرحلة التعقيد والمراوحة في نفس المكان، بعيداً عن دائرة الحضور والمنافسة والأضواء.
الكنز- عامر ياغي