الثورة أون لاين – تحقيق – سلوى إسماعيل الديب:
السوق “المسقوف” كما يطلق عليه في “حمص” من أقدم الأسواق في المدينة وأكبرها، حيث يعتبر منطقة أثرية يقصدها السياح من كل أنحاء العالم، واشتهر بكونه سوقاً شعبياً، يقصده الناس من كافة أرجاء المحافظة، وقد طالته يد الإرهاب وعصاباته فدمرته، ولكن إرادة الحياة لدى أهالي “حمص”، دفعتهم للعمل على إعادة ترميمه.
شكاوى عديدة وردتنا من أصحاب المحال عن هذا السوق حول إهمال المعنيين له، وعدم تقديم التسهيلات والدعم الكافي لعودة الحياة للسوق.
وبدروها “الثورة” التقت العديد من أصحاب المحال لمعرفة المشكلة عن قرب، ووضعها على طاولة المعنيين الذين أكدوا على عدم تعاون أصحاب تلك المحال معهم، وقيام البعض ببيع مواد الدعم وإغلاق محلاتهم.
* المشكلة عن قرب..
تحدث أحد أصحاب المحال التجارية القديمة في السوق “طلحة عبد السلام السلقيني” عن وضع السوق قائلاً: «أصبح وضع السوق مزرياً في فترة الحرب من تخريب وحرق وسلب، ومنذ فترة قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “UNDP” بترميم قسم منه، وإعادة تأهيله كما كان والمحافظة على معالمه الأثرية، وقد تعبنا خلال الفترة الممتدة من عام 2014 حتى عام 2017، وشجعنا بعضنا للعودة للسوق، واستئناف العمل، فكنا بداية أربعة أو خمسة محلات، ووصل عدد المحلات الآن لثمانين محلاً، تم ترميمه وافتتاحه، في شارع “النوري”، نسبة لجامع “النور”، ويتألف السوق “المسقوف” من سوق “النحاسين”، وسوق “الدباغين” وتفرعاته، وسوق “القيصرية”، وقد بدأت هذه الأسواق الآن تستعيد الحياة شيئاً فشيئاً، فافتتح ما بين 5% و6% من المحلات، والشارع الأساسي في هذا السوق، هو شارع “النوري”».
وأشار لعودة أغلب أصحاب المحلات المسافرين، لفتح محلاتهم، باستثناء النحاسين والدباغين الذين لم يعودوا بعد إلى محلاتهم..
* الشوارع بحاجة للنظافة..
أما المهندس “فايز الترك” استشاري هندسة مدنية وصاحب محل منسوجات وطنية، قال:« أغلق السوق لعدة سنوات، بفعل الإرهاب من عام 2011 حتى منتصف عام 2014، وكان وضع السوق محزناً، فأغلب المحلات محروقة ومنهوبة، وقد بدأ يتحسن الوضع من سوق “النوري الكبير”، حيث أخذت على عاتقها “UNDP” تغطية سقف السوق وتركيب السقف المعدني، وهذا السوق يدعى سوق “المنسوجات”، متفرع عن سوق “النوري”، وقد شاركتُ بترميم سوق “المعرض”.
وتابع: لدينا عتب كبير على مجلس مدينة “حمص”، بما يتعلق بالنظافة، حيث يمر عامل النظافة مرور طريق من السوق، ربما يلتقط كيساً من هنا، وكيساً من هناك، دون تنظيف الشوارع، بعكس ما كانوا يقومون به سابقاً..
* جولات مجتزأة..
وأضاف: مجلس المدينة لم يقدم شيئاً للسوق، فقط يرافق الوفود القادمة من الخارج ويلتقطون الصور، دون تقديم أي شيء في الأماكن المرممة، ولا يصلون للأماكن المدمرة مثل حمام “الباشا” والحمام “العثماني” القديم، لأن السوق غير مأهول، لتكون جولات مجتزأة، وغرفة التجارة ليست بأفضل حالاً، حيث لم يكن لهم أي دور في إصلاح السوق، بعكس المنظمة التي أخذت على عاتقها إصلاحه، وعلى سبيل المثال كان يوجد في سوق “الخياطين” منهل للمياه أثري، حيث أتذكر أنني منذ خمسين عاماً كنت أحضر مع أبي إلى السوق، فكنت أشرب منه، ونتيجة اعتراض الجوار، قاموا بنزع الحنفية من أكثر من ستة أشهر، ومنذ ذلك الوقت، لا توجد مياه للشرب في السوق، فقد كان يخدم أصحاب المحلات في السوق والمارة، وقد وضعت غرفة التجارة رخامة صغيرة، وقامت بافتتاحه، وحتى الآن لم يقوموا بتركيب الحنفية.
* لا كهرباء في مركز المدينة..
وأشار إلى زاوية التقاء سوق “النوري” وسوق “المنسوجات” والسقف المهدم، وقال: قامت المنظمة بإصلاحه، لأن المعنيين لم يقدموا سوى الكلام..
وقد طالبنا ونطالب بحل مشكلة الكهرباء أسوة بالفعاليات الاقتصادية الأخرى من مثل منطقة الصناعة، حيث يعتبر السوق مركزاً تجارياً، عندما يكون مركز المدينة بخير تكون المدينة بخير.
* بروزات تجاوزت المسموح لها..
فأنا كمهندس وبنظرتي الهندسية، أرى أن السماح بالبروز للمحلات أمر خاطئ من قبل مجلس المدينة، حيث سمحوا للمحال بالتقدم مقابل محلاتهم مقابل 200 ليرة سورية للمتر المربع، هل يعقل هذا؟؟
الشارع لتخديم الناس، ومجلس المدينة مؤتمن عليه وليس مالكاً، مهمته تنظيم الأمور فقط. وهناك تجاوز البروزات المسموح بها من قبل أصحاب المحال التي لم تلتزم بهذا الكلام؟ وكما ترون قد تجاوزوا مترين زيادة على المسموح، فهذا الأمر جعل الناس تنفر.
* البسطات تغلق السوق..
إضافة إلى ما سبق.. توجد مشكلة البسطات التي لم يجدوا لها حلاً إلى الآن، حيث البسطات لم تترك مكاناً لدخول المارة إلى السوق، وقد تسببت هذه المشكلة “حسب كلامه” بعزوف الكثير من الناس عن المجيء للسوق بسبب إغلاق الطريق والازدحام الشديد بمكان وجود تلك البسطات، إضافة لبروز المحلات التي تمنع رواد السوق من التجول..
* لمزيد من التسهيلات..
أما “مهند مختار الحسامي”، فقال: «نحن هنا في “خان القيصرية” وهو عبارة عن مجموعة محلات مدمرة، وتم وعدنا من قبل “UNDP” بالإصلاح، ولكن القرار توقف ولا يوجد تمويل الآن، ونحن نوجه دعوة من خلالكم لأصحاب المحلات محاولة العودة لافتتاح محلاتهم، حيث عادت بعض الخدمات، ليس خدمات كاملة، فمشكلة الكهرباء مثلها مثل بقية المناطق، حيث عادت حركة الناس للسوق، و الكثير من الناس تركوا العديد من الأسواق في المدينة كسوق “كرم الشامي” وسوق “الحضارة” وغيرها، وعاد إقبال الناس إلى السوق أكثر من السابق، ويوجد قوة اقتصادية قليلة، بسبب الظروف الاقتصادية للبلاد، ونناشد المعنيين بتقديم المزيد من التسهيلات».
* مجلس المدينة: رممنا البنية التحتية..
نائب رئيس مجلس المدينة “نادر عفوف” أجاب على بعض تساؤلات المواطنين، قائلاً: «قام مجلس المدينة منذ لحظة خروج المسلحين من “حمص” القديمة بالمباشرة بإزالة الأنقاض من كافة أحياء المدينة، خاصة مركز المدينة، من ضمنها السوق “المسقوف”، والأسواق القديمة، وقمنا بترميم البنية التحتية من صرف صحي وشوارع وأرصفة ومياه وكهرباء، وذلك بالتنسيق مع مؤسسة المياه والصرف الصحي والكهرباء، وغرفة تجارة “حمص”، والتنسيق مع برنامج “UNDP”، لترميم المحلات، وسقف كامل بنية السوق المسقوف والأسواق المتفرعة عنه ».
وعن شكوى النظافة أضاف “عفوف”: «توجد ورشة نظافة مختصة في الأسواق القديمة، مركزها في هذه الأسواق، تقوم بدورها في الحفاظ على نظافة الأسواق، وفي هذا الإطار نؤكد على ضرورة التزام أصحاب المحلات والأخوة المواطنين بالحفاظ على النظافة، ومساعدة مجلس المدينة في ذلك.
أما ما يتعلق بالجولات السياحية المجتزأة، بيَّن أن الأمر يقع على عاتق المرشدين والأدلاء السياحيين التابعين لمديرية “السياحة”.
وبخصوص منهل المياه فقال: وردتنا العديد من الشكاوى من المحلات التجارية المجاورة، بناء على ذلك تم إغلاقه..
أما بما يتعلق بالبروز أمام المحلات فقد سمح لأصحاب المحلات بالتجاوز بموجب قرار المكتب التنفيذي لمجلس المدينة، لتشجيع الحركة التجارية للسوق، وعودة المحلات للعمل وفي حال زيادة البروز عن المسموح، هناك عقوبات وستتم إزالة المخالفات.
وتابع “عفوف”: نحن كمجلس مدينة بكل إمكانياتنا نقوم بتشجيع عودة الحركة التجارية للسوق، من حيث تأمين البنية التحتية، والمساهمة مع مؤسسات الدولة بتوفير الخدمات اللازمة، وتأمين الحماية بالتنسيق مع قيادة الشرطة في محافظة “حمص”، إضافة لقيامنا بالعديد من الفعاليات الثقافية بها، وافتتاح أسواق الخير، وأقمنا حفلاً فنياً في ساحة السوق، وفي سوق “القيصرية” وحمام “السوق”».
* غرفة تجارة “حمص”ترد:
رئيس غرفة تجارة مدينة “حمص” “إياد دراق السباعي” تحدث عن دورهم في الفترة الماضية، قائلاً:( كان دورنا كغرفة تجارة، تأمين طلبات العودة وإحضار الموافقات من مجلس المدينة والمحافظة والجهات الأمنية، التي تمنحها للتجار، وخلال الفترة الماضية افتتح أكثر من 130 محلاً تجارياً من التجار العائدين إلى السوق، بموجب موافقات موجودة، قمنا بمتابعتها، وقمنا بالتعاون مع “UNDP” في سوق “الحشيش” بدعم وتقديم المعدات لـ 213 محلاً تجارياً في عام 2018م، حسب مهنته الأساسية، فمثلاً: وفرنا للحام ترميماً بسيطاً للمحل مع سحاب وطاولة وبراد وكراسٍ مع عدة اللحمة، أي معدات كاملة، والعقود موجودة لدينا، ولكن مع الأسف هناك الكثير من أصحاب المحال، قاموا ببيع المعدات، ولم يفتحوا المحال التجارية، وهذا الأمر يعود لعقلية بعض التجار، والعقود لا تزال موجودة، ببصمة أصحاب المحلات، وهي مبرمة بين غرفة التجارة وأصحاب المحال، وسيقوم المحامي على تطبيق الشرط الجزائي في العقود، وقد قام خلال الفترة السابقة مجلس محافظة حمص ومجلس المدينة بتقديم تسهيلات كثيرة في عمليات الترميم، وقد تابعنا ترحيل الأنقاض من السوق القديم.
* لا تعاون من أصحاب المحال..
وتابع: أما الكهرباء فكانت من أولوياتنا، حيث قمنا بالتعاون مع مدير الكهرباء حيث قدمت ساعة كهربائية لكل تاجر تقدم بطلب، وأي عقبة تواجه التجار كنت أتابعها بالتواصل شخصياً مع مدير شركة الكهرباء، وتم بالتعاون مع محافظ “حمص” “المهندس بسام بارسيك”، في فترة سابقة لإنارة السوق خلال الفترة المسائية، ولكن أصحاب المحال لم يستجيبوا، ويفتحوا محلاتهم.
خلال جولات الجمارك على المحلات يرافقهم دائماً مندوب من غرفة التجارة، ونحن نقف مع كل تاجر أوراقه نظامية، لكننا ضد أي مخالف للقوانين،
* تنظيم دوريات..
أما سبيل الماء فقمنا بافتتاحه وليس من مهامنا حراسته، وقد بقي في الخدمة فترة، وربما سرق لاحقاً، ولا أعتقد أنه قضية أو أولوية لدى التجار.
وأبواب غرفة التجارة مفتوحة لأي شكوى، وحتى بما يتعلق بموضوع السرقات التي حدثت في السوق مؤخراً، بالتنسيق مع قيادة الشرطة، قامت بتنظيم دوريات، ووضع مفرزة خاصة في نهاية سوق “الحشيش”، وخلال الفترة الماضية لم نسمع أي حادث أمني)