الثورة أون لاين – فاتن حسن عادله:
أميركا وحلفها “الناتو” أبقوا أفغانستان ملاذاً للإرهاب والفوضى، ولم يقضوا على الإرهاب كما خدعوا العالم في سياق حربهم المزعومة على تنظيماته، فقبل عشرين عاماً حملت أميركا و”الناتو” ترسانتهم العسكرية من وراء البحار والمحيطات والقارات وحشدوا إجرامهم على أفغانستان التي استيقظت على حملة غربية دموية شعواء على الشعب الأفغاني، بحجة هجمات الحادي عشر من أيلول 2001 التي حولتها واشنطن إلى أكذوبة كبرى لشن حروبها الخارجية تحت مزاعم الحرب على الإرهاب وضرورة القضاء عليه.
مسرحية أميركا والأطلسي المنقاد كما تديره وتوجهه لا يهمهم اليوم سوى إثارة المزيد من المشاكل وحقن المنطقة بجرعات إضافية من خلايا جديدة ومنتشرة من التنظيمات الإرهابية، وأي مسؤولية تجاه الأمن والاستقرار والسلم هو ليس في أي دائرة من الاهتمامات الأميركية أو دولة من دول “الناتو” ما دامت بعيدة عن حدودهم ولا تقترب من جغرافيتهم، ومن يبحث عن أدلة سيجد عدداً لا يحصى منها.
إذاً هي المعادلة الغربية واضحة المعالم اليوم لمن لم يكن يريد أن يرى قبل عشرين عاماً وأكثر من أي وقت مضى، تم خلالها اصطناع الأوهام وتمرير الأكاذيب بمحاربة الإرهاب.. الإرهاب الذي جعل منه الأطلسي سلاحه الأول ضد الشعب الأفغاني سواء لجهة ادّعاء محاربة إرهابيي طالبان أو لجهة غارات الطائرات الأميركية المسيرة بلا طيار التي لا تزال حتى الآن تقتل المدنيين وتدّعي ملاحقة المجرمين حتى وهي تعلن انسحابها على حد ما تقول.
وأمام ما يحدث اليوم في أفغانستان من فوضى وإشغال دول الجوار فيها خوفاً من تمدد ساحات وجذور الإرهاب، ثمة أسئلة كثيرة تطرح نفسها، فإذا كانت أميركا وحلفها أتوا وفق ما زعموا لمكافحة الإرهاب فلماذا تمدد هذا الإرهاب والفوضى وسيطرت “طالبان” على الحكم وشكلت حكومة؟ ثم أين مسؤولية الأمن أو ما هي نسبة الأمن والاستقرار الذي حققه الناتو منذ احتلاله هذا البلد حتى الآن؟ بالتأكيد الجواب واضح.
بالحقيقة لم تحقق أميركا إلا مزيداً من الانفلات الأمني والصورة الحالية خير دليل على تهرب حلف الناتو من مسؤوليته التي زعم أنه جاء من أجل تحقيقها.
هل نستطيع أن نقول إنه جاء لعسكرة المنطقة ولكن بطرق التفافية جديدة وزرع قواعد جديدة فيها بعد أن تقاسم حصته مع عملائه في أفغانستان، وفق تحليلات سياسية وعسكرية لخبراء ومحللين رأوا في مسرحية الناتو وطرق هروبه مخططاً أشمل، يهدف إلى تكريس وجوده العسكري وليفتعل المزيد من الحروب وإثارة الانقسام والفوضى تحت ادعاءات وفبركات إعلامية تضليلية واضحة المعالم والأهداف والمخططات شكلها إنساني أمني ومضمونها السيطرة والهيمنة.. باختصار، لا اهتمامات حقيقية “للناتو” بأمن الشعوب، بل بمصالحه الاستراتيجية وأبعادها الاقتصادية والعسكرية.