لا ندري ما هي التفاصيل ولا الشروط التي ستعتمدها الحكومة كأساس في قبول الكوادر الشابة التي من المفترض أن تستفيد من فرص العمل المنتظرة لدى الجهات العامة، والبالغة بما تبقى من هذا العام 60 ألف فرصة عبر مسابقة مركزية وعدَ بها البيان الوزاري صراحةً، وذلك ضمن برنامج ( زيادة فرص العمل الموصّفة في القطاع العام ) والذي قال عنه البيان بأنه يهدف إلى استقطاب الكفاءات الشابة النوعية واستثمارها في تحسين الأداء الفني للجهات العامة، ويرتكز على رسم منهجية واضحة للتوظيف الحكومي معتمدة على خارطتي الموارد البشرية والشواغر الوظيفية، وتتضمن التوجه إلى التعيين من الفئتين الأولى والثانية، والعمالة المهنية في القطاع الاقتصادي عبر اعتماد نظام المسابقات المركزية والتوظيف الالكتروني، وسيكون هذا البرنامج برنامجاً مستمراً.. حسب البيان.
وبمقدار ما أثار هذا البرنامج موجة من الأمل والتفاؤل عند الشباب من الفئات التي تحدث عنها البيان وذكرها – ربما بشكل عابر.. وربما غير عابر أيضاً – كالمهندسين والمُسرّحين والأطباء البيطريين وخريجي الكليات التطبيقية والمعاهد التقانية وفق احتياجات الجهات العامة، فقد أثار أيضاً موجة أخرى من التخوّف والقلق عند خريجي الكليات النظرية الذين يتخرجون في كل عام ويتراكمون آلافاً فوق آلافٍ ضمن ميادين الانتظار ومتاعب البحث عن فرصة عمل تخرجهم من شرنقة البطالة التي باتت مزمنة عند الكثيرين منهم، على الرغم من أن خلق فرص عملٍ لهم لا يخرج عن إطار الممكن، ولكنهم باتوا يشعرون فعلياً أنهم مهمشون وليسوا باعتبار أحد، كما أن ( برنامج زيادة فرص العمل الموصفة في القطاع العام ) لم يأتِ على ذكرهم لا هو ولا البيان الوزاري لا تصريحاً ولا حتى تلميحاً.
من هؤلاء الشباب – مثلاً – خريجي كلية الآداب – قسم التاريخ، الذين دخلوا بدراستهم في عمق التاريخ وفي علوم الآثار، والمعروف أن سورية من أكثر بلدان العالم غنى في الأوابد والآثار، وهي كانت ولا تزال – رغم كل ما وقع على آثارنا من تخريب ودمار إرهابي – بحاجة إلى المزيد من العناية والرعاية بطرائق علمية ومعرفية يمتاز بها خريجو التاريخ .. ولكن بلا فائدة..
العديد من هؤلاء الخريجين بثّوا لنا آلامهم وهم ينظرون بكل بساطة كيف أن المديرية العامة للآثار والمتاحف تتعاقد وتستجلب البعثات الأجنبية للتنقيب عن آثارنا ورعايتها وترميمها والعمل بها في حين هم أولى بهذه الأعمال، ولكنهم يتفرجون حالمين لأن يكونوا ضمن هذه البعثات على الأقل، وذلك بكثير من الشوق المعفّر بالغيظ وبالأسف لتلك السنين التي ضيّعوها في دراسات حضارية وراقية، ولكنهم ليسوا على بال أحد..!.
إن غنى سورية بالآثار يؤهلها لأن تستقطب آلاف الخريجين الدارسين في أقسام التاريخ الجامعية، فهل يلحظ البرنامج المنبثق عن إطار الإصلاح الإداري مثل هذا التوصيف.. أم أنه سيبقى خارج الحسابات..؟.
على الملأ- علي محمود جديد