بعد سلسلة الإجراءات الاجتماعية والسياسية والأمنية التي اتخذتها الحكومة في مناطق حوران بدءاً من درعا البلد ومروراً بقرى اليادودة ومزيريب وليس انتهاءً ببلدة محددة حتى الآن وصولاً إلى كلّ المناطق والبلدات خلال فترة قريبة قادمة ، فإن حالة من الاستقرار والرضا تسود مناطق سورية كلّها بعامة ، ومناطق الجنوب في محافظات درعا والسويداء والقنيطرة بخاصة.
فالمواطنون الذين عانوا ويلات الإرهاب وعاشوا ظروفاً قاسية يتوقون لتلك اللحظة التي تابعوها للإجراءات الطيبة التي تابعوها في مناطق حوران مؤخراً متطلعين للعودة لحالة الأمان والاستقرار التي تسمح لهم بالعودة للقيام بنشاطاتهم الاقتصادية واستعادة أعمالهم في أراضيهم بعد سنوات من هجرها وبوارها ، وما رافق ذلك من خسائر وخراب.
فمن خلال سنوات العدوان الإرهابي المعولم ، لم تقتصر وسائل العدوان على عمليات القتل والتدمير والتفجير واستخدام الأسلحة والحرب الاقتصادية والإعلامية والتهديدات والحصار ، وإنما كان هناك حرب نفسية واجتماعية من خلال السعي لتغيير نمط التفكير والسلوك والممارسة للنشاطات اليومية بالنسبة للمواطن السوري في كلّ مناطقه ، وخاصة في المناطق ذات النشاط الاقتصادي والعملي بأشكالهما المختلفة، فنتيجة الحرب لم يعد المواطنون قادرين على الوصول إلى حقولهم ومزارعهم في الفترة الأولى للعدوان ، ليفضي الأمر لاحقاً إلى قرارات منع وحرمان لأصحاب تلك الأراضي وفلاحيها ومزارعيها من استخدامها ودفعهم للبحث عن مصدر قوتهم اليومي من خلال المساعدات الإنسانية والسلات الغذائية التي يوزعها الهلال الأحمر السوري أو غيره من المنظمات والجمعيات الخيرية السورية والأجنبية ، فضلاً عن انتظار التحويلات المالية الخارجية من الأقارب والأصدقاء المغتربين واللاجئين ممن يعيشون على المساعدات الغربية فيقومون بتحويل جزء منها لأقاربهم وأصدقائهم ممن حافظوا على ثباتهم وسط حالة الضنك والفاقة والعوز التي صاحبت العدوان الإرهابي على سورية على مدى أكثر من عشر سنوات ، فما العمل وسط هذه الظروف الصعبة ووسط استمرار التهديدات الخارجية واستمرار الضغوط الاقتصادية والمعاشية الصعبة؟.
لا شك أن الجواب السريع الذي يعتقده كلّ فرد في سورية يكمن في التركيز على العمل، والعمل وحده ، فقيمة المرء تكمن في عمله وشغله وانتاجه ، لا في ممتلكاته ونسبه وانتمائه الجغرافي ، فالعمل يعطي الإنسان والحياة قيمة حقيقية لا يمكن تجاهلها، ويبعد شبح الحاجة كما يستبعد دوافع الكراهية والأحقاد ، فالذي يهتم بعمله وشغله ومصالحه الاقتصادية ، يبتعد بالتأكيد عن أعمال العنف والقتل التي يشجع عليها الغرب الاستعماري والصهيونية من خلال سياسة محاولة إبعادنا عن الإنتاج في العمل الزراعي والصناعي والخدمي ، ومن المؤكد أننا ماضون في تجاوز مفرزات الإرهاب ، والعودة لسابق عهدنا في العمل والإنتاج ، بعد استعادة الأمن والأمان ، وسماع صوت الأرض تنادي أبناءها للعودة لمعانقة جذورهم المتغرسة فيها.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد