الثورة أون لاين_ فاتن أحمد دعبول:
لم تكن تجربته النقدية حديثة العهد فقد لازمته منذ ريعان شبابه، يتذوق النصوص ويغوص في تقنياتها ويبحث خلف السطور بتقنيات الناقد الحصيف، ليقف عند مدلولات الإبداع ويضع عناوين جديدة استطاع أن يلتقطها في بحثه المعمق لما يتناوله، وشكل كتاباه إضافة جديدة في عالم النقد، فكانت الندوة التي احتضنها مركز ثقافي أبو رمانة بإدارة محمد خالد الخضر، للوقوف عند كتابي إياد مرشد مدير عام مكتبة الأسد” مقاربات نقدية في الشعر والرواية، وكتاب التجليات السياسية في شعر نزار قباني”
د. جابر سلمان: قراءة موضوعية
توقف د. جابر إبراهيم سلمان في مداخلته عند بعض محاور كتاب” مقاربات نقدية في الشعر والرواية” وبين أن الكاتب إياد مرشد تناول في مقارباته أربعة نماذج من الأدباء، ثلاثة في الشعر ونموذج واحد في الرواية، وكان من الشعراء عبد الكريم الناعم ويوسف المسمار ونزار قباني إنموذجا لدراسته، أما النموذج الروائي فكان رواية” ألف ليلة وليلتان” للروائي هاني الراهب.
وبين بدوره أن الكاتب توقف عند تجربة أولئك الشعراء بمزيد من التحليل لنتاجاتهم وأبرز أهم المعايير التي اتسمت فيها قصائدهم، فقد وصف الشاعر عبد الكريم الناعم بأنه الصوت المميز رغم الظروف الاستثنائية التي يعيشها، ولم تتعبه السنون وبقي وفيا لرسالة الشعر الذي نذر نفسه له، وبقي مخلصا للمبادىء التي تربى عليها، ومخلصا لمدينته حمص وهي في أصعب لحظات مخاضها، ولم تقلل ظروف الحرب وقسوتها من إيمانه بالغد الأفضل.
وأكد الكاتب في مقارباته النقدية أن الشاعر نزار قباني شكل ظاهرة مميزة في الشعر العربي، وحاول التجديد في شكل القصيدة والمغامرة في موضوعاته الشعرية” السياسية، والغزل” متخذا من شعره السياسي منبرا لرفض الواقع العربي والثورة على عوامل الضعف والتخلف فيه.
ويرى جابر أن الكاتب في أنموذجه الروائي هاني الراهب وبالتحديد روايته” ألف ليلة وليلتان”أن تلك الرواية تشكل نموذجا للرواية السورية التي استطاعت استيعاب مجمل التقنيات الروائية الحديثة، مستفيدا من تقنيات الغرب الحديثة في تطويع أفكار روايته وصياغتها بقالب روائي يجعل من عمله الروائي الأدبي متميزا.
د. نزار بني المرجة: قيمة مضافة
يبدو أن الشاعر نزار قباني مايزال مالىء الدنيا وشاغل الناس، وقد خصه الكاتب إياد مرشد بكتابه” التجليات السياسية في شعر نزار قباني” وقد بين د. نزار بني المرجة في مداخلته أن الكتاب يشكل دراسة هامة في مجمل نتاج الشاعر نزار قباني السياسي، وخصوصا أن الكثير من النقاد توقفوا عند شعره في الحب والمرأة، ليأتي هذا الكتاب وينصفه، في الحديث عن شعره القومي والوطني.
ويضيف: جاء كتاب الباحث في بابين رئيسين، أولهما بعنوان المفاهيم الأساسية وتطور العلاقة ما بين الشاعر وقضايا عصره، تناول في فصوله سيرته الذاتية وبعض المواقف اللافتة في حياته، وخصص الفصل السابع للحديث عن القضايا السياسية في شعره” القضية الفلسطينية، قضية الحرية، كتابات الشاعر حول المرأة التي تشكل نصف المجتمع، كما أشار في هذا الفصل من الكتاب إلى محطات شعرية هامة للشاعر إزاء أحداث جسام كانت مثار اهتمام الشاعر والدافع لكتابة الكثير من قصائده.
وينتهي الكاتب إلى أن الشاعر نزار قباني أحاطت موضوعات شعره بقضايا الأمة، وإذا كان معيار الشعر الأول هو الجمهور واهتمام المتلقين بالمادة الإبداعية، فنزار شاعر جماهيري بامتياز، استطاع أن ينزل الكلمة من برجها العاجي، وأبعدها عن حذلقات الفلسفة والغموض، وجعل الشعر رغيفا من الخبز الساخن نشتهيه كل صباح، وخرج عن تابوهات زمنه، ورسم لنفسه صورة الشاعر المتمرد.
إياد مرشد: هاو للنقد
أشار إياد مرشد في محطات سريعة أن جوهر النقد الأدبي يقوم على كشف الجوانب الغامضة في مسيرة أديب ما ، سواء من خلال الشرح والتعريف أو من خلال الحكم عليها لاحقا، وقواعد النقد ومبانيه لا ينبغي أن تؤخذ على إطلاقها، والناقد حين يأخذ أي نص أدبي ويخضعه للدراسة والتمحيص، يجب أن يكون مرتكزا على ثقافته وتجربته في مجال القراءة وفي مجال الممارسة الحقيقية لتذوق النصوص الأدبية، ولابد أن يمتلك القراءة الواقعية لحركة المجتمع والنشر والأدب وجوانب الفكر.
ويحتم على الناقد امتلاك أدواته، وإني هاو للنقد ولست محترفا، ربما أوفق أو أتعثر، وربما نزار قباني كان ملهما لي كما كان ملهما للكثير وأردت الوقوف على نتاجه السياسي في محاولة لإنصافه، وأن رواية هاني الراهب تستحق أن نشبعها دراسة لأهميتها، و وما قمت به هو رؤية معينة تجاه المبدعين، أرجو أن أكون قد وفقت فيما اجتهدت عليه.