الثورة أون لاين – فاتن حسن عادله:
بينما ينشغل الغرب بحروبه وأطماعه وإرهابه ومصالحه، ونشر فوضاه الهدامة من أجل مزيد من السرقات ونهب الثروات والحصول على مصادر الطاقة، يبدو أن لا مكان حتى الآن في الأفق لحل أزمة المناخ وتداعياتها الخطيرة الناتجة عن هذا الكم الهائل من الكربون الذي بدأ يخنق البشرية لأسباب عدة أهمها: عمليات حرق وإحراق مساحات هائلة وضخمة من الغابات، إضافة لعمليات التسلح والتسابق النووي الذي تفتعله أميركا وحلف الناتو، إضافة للحروب التي تقودها وما ينتج عنها من مفرزات جرثومية وكيميائية ونووية وسموما تلقي بظلالها على المتغيرات التي تصيب الكوكب، حيث أخذ المرض يفتك بالبشر، دون حلول ناجعة لحل هذه الأزمة مع أنها متواجدة ولا تحتاج إلا لإحلال الأمن والسلام عبر التعاون والتكاتف والحوار البنّاء.
إنها حرب حقيقية على المناخ في ظل هذا الرفض الغربي والتجاهل المتواصل للتخفيف من انبعاثات الكربون من أجل الحفاظ على البيئة التي أخذت بالتدهور بشكل جنوني حصدت البشرية بسببه الأمراض والأوبئة والكوارث والأعاصير والانهيارات وثوران البراكين والفيضانات، فضلا عن تصاعد موجات الحرارة وارتفاع درجاتها مسببة انهيارات وذوبان للجليد.
في ظل هذه المتغيرات المناخية الخطيرة نؤكد أن لا مزيد من الوقت قد تمنحه البيئة أمامنا لوقف تدهورها، وهو ما قد نقرأه في كثير من المطالعات والمتابعات والتقارير الصحفية والإعلامية والسياسية والأممية التي أخذت تنبه أكثر فأكثر هذه الأيام إلى معادلة اختلال التوازن المناخي هذه، وضرورة استدراك الوقت قبل فوات الأوان.
السياسات الغربية والأميركية هي من أوصلت عالمنا إلى ما هو عليه من فوضى وإجرام واختناق في كل المجالات، هنا بالتأكيد لا بد أن نعيد التذكير كيف أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2017 عن انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ، لأن فيها ما يقيد الأطماع الأميركية ويجبرها على تنفيذ التزامات بيئية وصحية سيكون لها ارتدادات إيجابية على الجميع وليس على المناخ وحده.
أوروبا الموعودة أيضاً هذه الأيام بظلام وعتمة وشتاء بارد وقارس نتيجة قلة موارد الطاقة وإمدادات الغاز إليها، هي جزء كبير من المشكلة المناخية وما آلت إليه الأمور.
في ظل التحديات المناخية هذه وما تفرزه من أبعاد بيئية خطيرة قادمة، تأتي دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دول الغرب للعمل بشكل عاجل لمواجهة تغير المناخ، حيث كشف سيلوين هارت مساعد الأمين العام ومستشاره الخاص أن غوتيريش سيطالب الدول المانحة ومؤسسات التنمية متعددة الأطراف بالكشف عما تحقق من تقدم في تلبية هدف زيادة نصيبها من التمويل المخصص لمساعدة الدول على التكيف مع التغير المناخي إلى 50 % من المستوى الحالي البالغ 21%، وأكد هارت أن المباحثات الدولية تهدف إلى ضمان نجاح مؤتمر المناخ الذي تعقده الأمم المتحدة خلال الفترة من الـ 31 من تشرين الأول حتى الـ 12 من تشرين الثاني في مدينة غلاسكو الأسكتلندية في بريطانيا.
يأتي ذلك رغم أن التقارير الحديثة التي تظهر أن الدول الكبرى بعيدة عن تحقيق أهداف خفض الانبعاثات وعن التزاماتها بالتمويل فيما يتعلق بالمناخ، حيث جاء في تقرير صدر عن جامعة الأمم المتحدة ومقرها طوكيو في 9 أيلول الجاري أن الكوارث المناخية والأوبئة لها مسببات واحدة، رغم تباعد أماكن حدوثها.
أمام هذا الواقع المناخي السيئ الذي بدأ يعصف بالبشرية، هل سيخضع الغرب للغة العقل ويتخذ سياسات أكثر عقلانية كي نتجنب ما هو أخطر مما يجري الآن.. أم أنه سيستمر بتجاهل ما يحدث من تبعات لن تقتصر على أحد ولن تقف عند حدود معينة، بل ستصيب الجميع الذي سيكون في دائرة الاستهداف المناخي؟، يبدو أن الأمور ستتجه نحو الأسوأ في ظل استهتار الغرب بحياة البشرية جمعاء.