تطوّر اللغة الطبيعي حالة صحيّة في المجتمعات إذا ما قيس بتطوّرها الفكري والثقافي والحضاري، لكنّ التطور بين المضمر والمُعلَن في الأدب والفكر والفن ليس خياراً، فرويداً رويداً تتكشّف معانيه وغاياته عندما يحاول البعض تثبيت جمالياته وإثبات تفوّق نصوصه ومصطلحاته ومضمونه بالرّغم من انحطاطها وعدم مسؤوليتها…
الترجمة ومع مرور الوقت تفوقّت على آلات حربية كبيرة عندما كسرت مكانة دول وأحبطت شعوباً وسرقت منهم مركزهم الحضاري والثقافي، فالترجمة عن العرب وللعرب التقطت ملايين الصفحات والجمل والمقاطع التي جسّدت صورة العربي الشرقي المتخلّف أخلاقياً، وصدرّت له كلّ ما من شأنه قلب موازين المعايير الأخلاقية، وللأسف كثيرة هي الصور التي تستوقفنا صوّرها الغرب بلغته ومصطلحاته لشرقيين همّهم الفسق والملذات والعنف للتستّر على كلّ ماكان يفعله الغرب بالشرق من استعمار ونهب وقتل…
عِوَضاً عن التلاقح والتبادل الثقافي والعلوم والفنون والفكر والتي هي من أسمى وأهم غايات وأهداف الترجمة عمل الغرب على كسر منظومة القيم في الشرق وبدّل هدف الترجمة الفعلي والتاريخي.
وبدورنا ماذا نفعل؟.. نستسهل ونستسلم لطوق الجهل والتخلّف الذي صنعه الاستعمار، دون محاولة لكسر ذلك الرواج وإثبات روحنا الثقافية والفكرية والحضارية برهافتها وأناقتها وغناها الإنساني الذي تسرق مقدرّاته وتاريخه مستعمرات إمبريالية عالمية متعاقبة منذ فجر التاريخ…
رؤية -هناء الدويري