وفق متلازمة الإفلاس والهزيمة، يزحف أردوغان على تشظيات المرحلة الحالية بعد أن فرض الواقع السوري المنجز بقوة إيقاعه الميداني والسياسي، فما عاد ينفعه فيها تشويش تضليلي أو صخب تعطيلي ولا حتى تصعيد عدواني، وإن أصمّ أردوغان اللاهث في حلقات أطماعه المفرغة ومن يجاريه بالحماقة ويفوقه بالوهم الانفصالي آذان عقولهم، وأغمضوا عيونهم عن رؤية مشاهد الإنجاز السوري المتسارع والمتسع والمستكمل، متجاهلين رسائل الميدان وإشاراته التي صفعتهم أكثر من مرة، وليس آخرها صفعة تأمين الجنوب، التي ما زالوا يتحسسون حرارة تداعياتها ذعراً وتخبطاً.
أردوغان الخارج من جحور”النصرة” وأوكار التنظيمات الإرهابية يناور آخر مناوراته العبثية ويغمز من قناة اتفاقات خفض التصعيد محاولاً إيجاد مخارج سياسية لمآزقه يرتق بها ثقوب إخفاقاته الواسعة بعد أن أدرك أن الهوة باتت واسعة جداً بين أوهامه وإمكانية تحقيقها، خاصة أن ذخيرة إرهابه باتت بلا فعالية ميدانية، واستناده على عكاز ضماناته للفصائل الإرهابية لن يحول دون تأمين الشمال وإغلاق بوابة الإرهاب الشمالية.
يدرك لص أنقرة أن ملف تأمين الشمال وتجفيف بؤر الإرهاب في إدلب وأريافها حاضر بقوة وهو الذي لم يغب يوماً عن الإستراتيجية السورية وأجندات التحرير، وإن منحت دمشق انطلاقاً من مسؤولياتها الوطنية وحقناً للدماء وحرصاً على أرواح مدنيين تتخذهم التنظيمات الإرهابية دروعاً تختبئ خلفها، أردوغان الفرصة تلو الفرصة للإيفاء بالتزامات اتفاقات خفض التصعيد، لكن الذيل التركي معوج ولو وضع في قوالب الاتفاقات أوالتفاهمات، فأطماع النهب والتوسع العدواني هي الهاجس الأكبر لسليل العثمانية البائدة.
يغوص أردوغان اليوم عميقاً في وحل الشمال، بعد أن استمات بكل ما امتلك من رياء واحتيال ووسائل إرهابية لتأخير تأمينه وظلّ يناور على حبال الاتفاق مستخدماً كلّ طرق المراوغة لتعطيل تحريره، وهو يبحث حالياً عن مخارج من مآزقه، ولا منفذ احتيالي يسعفه، ولا مكر بات ينفعه، بعد أن أفرغ كل ما في جعبة انتهازيته من زيوت لتأجيج المشهد وتسعير اشتعاله علّ دخانه يحجب الرؤيا عن قافلة التحرير السوري، إلا أنه هو من فقد بوصلة خلاصه وتاه في متاهات الفشل، وبقيت البوصلة السورية التي لم تتمكن زوابع الغبار التضليلي أن تؤثر عليها أو تحرفها تؤشر للنصر.
ولأن معركة تطهير الشمال من البؤر الإرهابية بشقيها السياسي والعسكري ستحمل من النتائج والتبعات والانعكاسات ما لن يستطيع أردوغان ولا طاقة له بتحمل تبعاته لجهة بتر ذراع أطماعه التوسعية، ومن جهة أخرى ارتداد ما ستسفر عنه من تحرير وبالاً إرهابياً عليه، سيخاتل لطلب الفرص مجدداً، لكن رياح إقرار التحرير سواء بالتسويات أم بالعمل العسكري ستجري بعكس مبتغاه وستطوي الدولة السورية صفحة إرهاب الشمال وتقفل البوابة الشمالية التي يتسلل منها اللص التركي، وسيعود خالي الوفاض إلا من بقايا فلول إرهابية مرتزقة لا يدري إلى أي محرقة جديدة يلقي بهم.
حدث وتعليق -لميس عودة