هي الخطوات الأميركية الخفية في المنطقة تربك حلفاء واشنطن قبل الخصوم.. وتضع المشهد على حافة التوقعات.. ثمة من قطع خطوط التماس التي كانت مفروضة غربياً على العرب من عشر سنوات وهناك استبدل خطط اللعب السياسي برمتها دون أن ينتظر صفارة أميركية أو خطاً أحمر لواشنطن.. الكل ينتظر قرار انسحاب عسكري للمحتل الأميركي في سورية وبدأ يهيئ خطوط العودة إلى دمشق..
ولكن هناك من يمسك من قسد بأصابعه المهزومة بطرف الرداء الأميركي ويرسل التطمينات أنها لن ترحل في الوقت الراهن وباقية تحت شعار مكافحة “داعش” وردع أردوغان وتحقيق أحلام الانفصال..
في الواقع لا يمكن لأحد أن يتجاهل الحياد الأميركي المغلف بالصمت وسط هذا الحراك الدبلوماسي والسياسي نحو سورية ولا يمكن أيضاً إنكار أن واشنطن سكتت على توجيه لطمة قوية لقيصر عقوباتها الذي يختل توازنه وسط الاتفاقات الجارية بين سورية والأردن ولبنان ومصر.. حتى أردوغان بات يهاجم الاحتلال الأميركي في سورية ليس حباً بالسوريين بل كرهاً لدعم بايدن لقسد.
واللافت أن واشنطن جددت عقوباتها على أردوغان بسبب عملياته العسكرية في سورية بينما اختارت الغضب الصامت عن عودة بعض الدول العربية للحضن السوري والبدء بكسر طوق قيصر الذي تباهي به في استراتيجياتها الجديدة نحو المنطقة..
أميركا لن تخرج بل ستطرد عبر المقاومة الشعبية في شرق الفرات والترتيبات السياسية والدبلوماسية مع الدول الفاعلة والمؤثرة في المنطقة ومادام قيصرها بدأ بالترنح فوجودها العسكري محتلة في سورية بلا لون ولا طعم ولاحتى رائحة طالما أنها هُزمت عسكرياً عبر دحر الجيش العربي السوري وحلفائه لفصائلها الإرهابية وطالما أن الضغط الإقليمي والدولي اليوم على رقبة قيصر العقوبات الأميركية…
أما أن ترفع شعار البقاء لمكافحة “داعش” فالحجة أضعف من أن تصدق خاصة أنها خرجت من أفغانستان وتركتها بين تفخيخ طالبان وتفجير “داعش” فما بالكم في سورية التي انحسرت فيها بقع الإرهاب تحت ظلال الاحتلال التركي والأميركي فقط.
ستخرج الولايات الأميركية المحتلة من شرق الفرات تحت ضربات الجيش العربي السوري والأهالي لها بالنار والأحذية والخد الأميركي ليس غريباً عن هذه اللطمات.. وسيخرج قبلها أردوغان ولكن بأحذية كثيرة ومتنوعة.. قد تكون أحذية الناتو من ضمنها..
البقعة الساخنة -عزة شتيوي