مع كل قرار اقتصادي يصدر ومع كل إجراء يُقَرّ، تطفو على السطح خبايا النفوس ومحركات السلوك بين تجار وصناعيين عبر تأييد القرار أو الوقوف ضده، أو كيل المديح له أو ذمّه، في سجال دائم وشبه شهري تشهده الأوساط الاقتصادية بشكل مباشر أو عبر الإعلام من خلال تصريحات تعكس توجه الفريق.
لم ينجُ قرار واحد أو توصية من اللجنة الاقتصادية من هذه البروتوكولات وكلها -للحقيقة- دفاع عن الأنا وحرص على المصالح الشخصية، تحت عناوين تتنوع بين الحفاظ على وفرة المواد في الأسواق وحماية الصناعة الوطنية، في مشهد يعكس باطن توجهات مجتمع الأعمال تجاه المصالح الخاصة ومراكمة الأرباح..
سجال دائم تشهده هذه الأوساط حماية لمصالحها الخاصة، في وقت لم نشهد فيه منذ بداية الحرب في بلادنا وما أفرزته من غياب المواد وكثير من الإنتاج، لم نشهد فيه سجال واحد بين مكونات الاقتصاد في القطاع الخاص حرصاً على جودة المنتج أم منطقية سعره أو حتى تخفيف هامش الربح ولو على سلعة واحدة؟.
ولم نشهد سجالاً حول ضرورة زيادة إنتاج سلعة معينة حتى يستمر وجودها في الأسواق، أو سجالاً حول المطالبة بتوفير ظروف معينة واشتراطات محددة لتنمية صناعة بعينها مما يحتاجه المواطن في حياته اليومية.
كيف يمكن للأمور أن تستقيم ويكون هؤلاء الأفرقاء عماد النهضة الاقتصادية، في وقت يستنفرون فيه ويجندون كل إمكانياتهم في مواجهة بعضهم البعض حتى يطغى أحدهما على الآخر، ويتفرّغ لعصر المواطن واستنزاف ما تبقى في جيبه.. هذا إن بقي شيء يُستنزف..!!.
بل كيف يمكن للأمور أن تستقيم وغالبيتهم يخفي وبشكل صارم حجم أعمالهم الحقيقي حتى لا تكون عمود الخيمة في بياناتهم الضريبية الغافية في أحضان أدراجهم، لا تهددها جولات غض البصر من مراقبي الدخل والمعنيين بالتكاليف الضريبية في الدوائر المالية..!!.
هي مشكلة أكبر من حجم قرار صادر أو توصية موافق عليها.. هي مشكلة نهج وقناعة لدى جزء ضخم من القطاع الخاص في كيفة التعامل مع حقوق المواطن والبلاد، وفي كيفية ترتيب الأدوار ومن يكون في خدمة مَن..!!.
الكنز -مازن جلال خيربك